كل ما ريد معرفتة عن تشي غيفارا الثوري الأرجنتيني ورمز الثورة الكوبية
على الرغم من أنه يُعتبر أحد أبرز الأيقونات الثورية في القرن العشرين، إلا أن هناك جانبًا من شخصية إرنستو تشي غيفارا لم يتم الكشف عنه بالكامل إلا بعد عقود من وفاته، واحدة من أكثر الوثائق غموضًا التي ارتبطت بجيفارا هي مخطوطته التي تضمنت نقدًا لاذعًا لـ “الدليل السوفييتي”، الذي كان يعبر عن تحفظاته العميقة حول السياسة السوفييتية وتوجيهاتها للحركات الثورية حول العالم، السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا بقيت هذه المخطوطة طي الكتمان لأكثر من أربعين عامًا؟ ولماذا لم يتم الكشف عنها إلا بعد عقود من وفاة جيفارا؟
جدول المحتويات
خلفية عن العلاقة بين تشي غيفارا والاتحاد السوفييتي
كان جيفارا مدافعًا قويًا عن الثورة الشيوعية، وقد رأى في الاتحاد السوفييتي قوة رائدة في محاربة الإمبريالية والرأسمالية، ومع ذلك، كان لديه تحفظات عميقة بشأن الأسلوب الذي اتبعه السوفييت في نشر الشيوعية عالميًا، إذ شعر أن الاتحاد السوفييتي لم يكن ملتزمًا بما فيه الكفاية بالمبادئ الثورية التي كانت جوهر حركات التحرر الوطني .
اقرا المزيد عن كل ما تريد معرفتة عن أدولف هتلر الزعيم الألماني النازي
مخطوطة نقد الدليل السوفييتي
خلال تواجده في بوليفيا لمحاولة إشعال ثورة شيوعية، كتب جيفارا مخطوطة تعبر عن استيائه الشديد من السياسة السوفييتية، خصوصًا فيما يتعلق بتعاملهم مع الحركات الثورية في أمريكا اللاتينية، المخطوطة، التي تم اكتشافها فقط بعد عقود، تضمنت نقدًا حادًا لتكتيكات الاتحاد السوفييتي في دعم الحركات الثورية بشكل محدود وغير فعال، وقد وصفت المخطوطة “الدليل السوفييتي” بأنه يحاول فرض نموذج أيديولوجي صارم لا يتوافق مع الظروف المحلية لحركات التحرر في بلدان مثل كوبا وبوليفيا.
أسباب إخفاء المخطوطة
هناك عدة أسباب يمكن أن تفسر لماذا بقيت المخطوطة طي الكتمان لفترة طويلة:
الحفاظ على التحالف بين كوبا والاتحاد السوفييتي
في الوقت الذي كانت فيه كوبا تعتمد بشكل كبير على الدعم السوفييتي، كان من غير المناسب نشر أي وثيقة قد تسيء لهذا التحالف، نقد جيفارا للسوفييت كان يمكن أن يعرض العلاقة بين كوبا والاتحاد السوفييتي للخطر، خاصة في فترة الحرب الباردة.
حماية إرث جيفارا
القادة الكوبيون، وعلى رأسهم فيدل كاسترو، كانوا يحرصون على الحفاظ على صورة جيفارا كرمز ثوري عالمي، نشر هذه الوثيقة كان قد يثير الجدل حول موقف جيفارا من الاتحاد السوفييتي، مما قد يضعف من هذه الصورة.
الظروف السياسية العالمية
خلال العقود التي تلت وفاة جيفارا، كانت العلاقات الدولية معقدة، وكانت القوى العالمية تتصارع على النفوذ في العالم الثالث، نشر هذه الوثيقة في ذلك الوقت كان يمكن أن يؤثر سلبًا على جهود الحركات الثورية.
اقرا المزيد عن كل ما تريد معرفتة عن أدولف هتلر الزعيم الألماني النازي
اكتشاف المخطوطة ونشرها
بعد وفاة جيفارا في عام 1967، ظلت العديد من كتاباته غير منشورة أو مفقودة لفترات طويلة. ومع ذلك، تم اكتشاف مخطوطة نقد “الدليل السوفييتي” في أوائل الألفية الثالثة بفضل جهود الباحثين الثوريين والمفكرين المهتمين بإرث جيفارا. تم العثور على هذه المخطوطة محفوظة بعناية بين أوراق جيفارا التي كانت تحت حراسة الحكومة الكوبية، ولم يتم الإفراج عنها إلا بعد استقرار الظروف السياسية في فترة ما بعد الحرب الباردة.
كان اكتشاف المخطوطة بمثابة كشف مهم، حيث ألقى الضوء على مواقف جيفارا النقدية تجاه الاتحاد السوفييتي، والتي كانت غير معروفة للكثيرين. وقد أظهرت هذه الوثيقة كيف أن جيفارا لم يكن يتردد في انتقاد حتى أقرب حلفائه الأيديولوجيين إذا شعر بأنهم لم يلتزموا تمامًا بالمبادئ الثورية.
عندما تم نشر المخطوطة، أُعيد تقييم شخصية جيفارا كقائد ثوري مستقل الفكر. وقد تمت ترجمة المخطوطة ونشرها في عدد من الكتب والمقالات الأكاديمية، مما فتح بابًا جديدًا لفهم أعمق للعلاقة المعقدة بين كوبا والاتحاد السوفييتي، وتأثير ذلك على الحركات الثورية العالمية.
لماذا تم الكشف عن المخطوطة بعد مرور أربعة عقود؟ ربما كان الزمن هو العامل الحاسم، في تلك الفترة، شهد العالم تغييرات جذرية، بما في ذلك انهيار الاتحاد السوفييتي وصعود حركات جديدة تنادي بالديمقراطية وحقوق الإنسان، في هذا السياق الجديد، أصبح من الممكن التحدث بحرية أكبر عن الاختلافات الأيديولوجية التي كانت تثير الخلافات في الماضي.
خاتمة
إن بقاء مخطوطة جيفارا في نقد “الدليل السوفييتي” طي الكتمان لأربعة عقود هو نتيجة تضافر العديد من العوامل السياسية والأيديولوجية، كانت الظروف السياسية في حقبة الحرب الباردة تمنع نشر أي وثيقة قد تضر بالتحالفات الكبرى، ومع ذلك، بعد مرور الزمن وتغير المناخ السياسي، أصبح من الممكن إعادة النظر في أفكار جيفارا بشكل أكثر شمولية، مما يمنحنا فهمًا أعمق لشخصيته وتفكيره النقدي حتى لأقرب حلفائه.