الشخصيات

اضطراب الشخصية القهرية – حقائق يجب التعرف عليها

الشخصية-القهرية

تلعب الشخصية دورًا حاسمًا في تشكيل حياتنا اليومية، وتعكس طابعنا الفريد وتفاعلاتنا مع العالم من حولنا، ومع وجود مجموعة متنوعة من الأنماط الشخصية، يبرز نمط الشخصية القهرية كإحدى السمات النفسية التي قد تؤثر بشكل كبير على الحياة الشخصية والعلاقات الاجتماعية، فالنظرة السلبية نحو الذات والتحديات، إلى جانب صعوبة التكيف مع المواقف المختلفة، تميز هذه الشخصية، وتطرح تحديات تستوجب الفهم والتعاطف.

 

ما معنى الشخصية القهرية؟

الشخصية القهرية هي شخصية تتسم بالسلوك المستبد والاضطهاد للآخرين، وهذه الشخصية يعبر عنها الشخص الذي يستخدم سلطته أو قوته البدنية أو العقلية لإحراج وإذلال وإلحاق الأذى بالآخرين دون أي مبرر أو سبب مشروع.

 

وتعتبر الشخصية القهرية نمطًا سلوكيًا غير صحي وغير مرغوب فيه، حيث يتمتع الشخص القهري برغبة قوية في التحكم والتسلط على الآخرين دون مراعاة حقوقهم أو احترامهم كأفراد.

 

وتستخدم بعض المصطلحات الأخرى لوصف الشخصية القهرية مثل الاستبداد، الاضطهاد، الاستغلال العنيف، السلوك الاستبدادي، والتنمر، وهذه المصطلحات تعكس جوانب مختلفة من سلوك الشخصية القهرية وتعبر عن تعديها على حقوق الآخرين وسوء استخدام السلطة المتاحة لها.

 

ما هي سمات الشخصية القهرية؟

يجد البعض حرجاً في فهم جوانب الشخصية القهرية، بل ويجهد الكثيرون في التعرف عليهم، ولذلك نوضح في هذه النقاط، أبرز السمات التي تُشكل هذه الشخصية، وهذه السمات تظهر بشكل كبير في تصرفات وطريقة تفكير هذا الشخص:

 

  • التفاؤل المنخفض: يميل الأفراد القهريين إلى رؤية الأمور بشكل سلبي ويكونون غالباً متشائمين حيال مستقبلهم.
  • نقص الثقة بالنفس: يشعر الأفراد القهريين بعدم القدرة على التغلب على التحديات ويفتقدون الثقة في قدراتهم الشخصية.
  • التجنب والانعزال: قد يميلون إلى تجنب المواقف الاجتماعية والانعزال عن الآخرين.
  • عدم التحكم في العواطف: يظهر تفاعلهم العاطفي بشكل غير مناسب، مع صعوبة في التحكم في مشاعرهم.
  • الشعور بالإحباط: يعاني الأفراد القهريون من الشعور المستمر بالإحباط وعدم الرضا عن الذات.
  • الاعتماد على الآخرين: لديهم اعتماد شديد على دعم الآخرين دون القدرة على التحكم في حياتهم بشكل مستقل.
  • عدم التكيف مع التغيير: يشعر الأفراد القهريون بصعوبة في التكيف مع التغييرات والمواقف الجديدة.
  • الشعور بالذنب الزائد: يميلون إلى الشعور بالذنب بشكل زائد، حتى في الأمور التي لا يمكنهم السيطرة عليها.
  • التركيز على السلبيات: يميلون إلى التركيز على الجوانب السلبية في الحياة بدلاً من التركيز على الإيجابيات.

 

سمات الشخصية القهرية

 

أسباب الشخصية القهرية

توجد عدة عوامل وأسباب محتملة لظهور الشخصية القهرية، ومن الجوانب الرئيسية التي يمكن أن تؤثر على تطور هذا النمط من أنواع الشخصيات:

 

أولاً: العوامل البيولوجية

ظهور الشخصية القهرية على السطح لا يعني أنها تشكلت وحدها دون تدخل، فقد يكون للعوامل الوراثية دور في تشكيلها، حيث نجد العديد من الأشخاص لديها ميول وراثية للتصرفات القهرية أو السلوك المستبد.

 

ثانياً: العوامل النفسية

يمكن أن تؤثر العوامل النفسية كذلك في تطور الشخصية القهرية، مثل الخبرات السلبية في الطفولة كالإهمال أو الإساءة الجسدية أو العاطفية، فقد يؤدي التعرض للعنف أو الاضطهاد إلى تكوين سلوكيات قهرية للدفاع عن النفس أو للحفاظ على السيطرة.

 

ثالثاً: العوامل الاجتماعية

للعوامل الاجتماعية أيضاً تأثير كبير على تشكل الشخصية القهرية، على سبيل المثال، إذا نشأ الشخص في بيئة تسمح وتشجع على الاستبداد والتسلط، فقد يتأثر ويطور سلوكًا قهريًا خاصاً به.

 

رابعاً: النمط التربوي

يمكن أن يلعب النمط التربوي القاسي أو السلطوي دورًا في تشكل الشخصية القهرية، على سبيل المثال، إذا تعرض الشخص للتربية الصارمة والقاسية، فقد يتعلم بعض السلوكيات القهرية للتعامل مع الآخرين.

 

خامساً: العوامل الثقافية

تلعب القيم والمعتقدات الثقافية دورًا في تكوين الشخصية القهرية، ففي بعض الثقافات التي تشجع على القوة والتسلط، نجد لديها تزايد في السمات والخصائص التي يتسم بها الشخص القهري.

 

ما هي أعراض الشخصية القهرية؟

هل للشخصية القهرية أعراض محددة؟ بمعنى آخر، هل توجد أعراض معينة يتسم بها الشخص القهري وتؤثر بشكل كبير على سلوكياته وتصرفاته إزاء الآخرين؟ بلا شك، وفي هذه النقاط نستعرض بعضها:

 

  • التفكير السلبي: تميل الشخصية القهرية إلى التفكير بشكل سلبي تجاه النفس والحياة بشكل عام، مما يؤثر على رؤيتها للمستقبل.
  • نقص الثقة بالنفس: يكون هناك شعور بالشك والعدمية، وعدم القدرة على الاعتماد على القدرات الشخصية.
  • الحساسية الزائدة للانتقادات: للشخصية القهرية استجابة مبالغة للانتقادات، وتأثير عاطفي قوي من تلك الانتقادات.
  • التجنب والانعزال: يميل الشخص القهري إلى تجنب المواقف الاجتماعية والانعزال عن الآخرين.
  • الشعور بالإحباط الدائم: يعاني الشخص القهري من الشعور المستمر بالإحباط وعدم الرضا عن الذات.
  • التفاعل العاطفي الزائد: يمكن أن يكون هناك تفاعل عاطفي زائد، مع صعوبة في التحكم في المشاعر والرد بشكل مناسب.
  • عدم التكيف مع التغيير: يصعب على الشخصية القهرية التكيف مع التغييرات في الحياة والمواقف الجديدة.
  • الشعور بالذنب: يشعر الفرد القهري بالذنب بشكل زائد حتى في الأمور التي لا يمكنه السيطرة عليها.
  • تجنب المسؤولية: قد يتجنب الشخص القهري تحمل المسؤولية ويعتبر الآخرين مسببين لمشاكله.
  • الانغماس في الذكريات السلبية: يميل الشخص القهري إلى الانغماس في الذكريات السلبية والتفكير المستمر في الأحداث السيئة.

 

اضطراب الشخصية القهرية

 

اقرأ أيضاً عن: أنماط الشخصية الإنطوائية

 

هل هناك فرق بين الشخصية القهرية والوسواس القهري؟

كثير من الناس يخلط بين الوسواس القهري وبين الشخصية القهرية، بل ويعتقد البعض أن الشخصية القهرية هي نفسها الوسواس القهري، وهذا خطأ تماماً، فهناك اختلاف بينهما رغم وجود تقارب في بعض السمات.

 

الشخصية القهرية تشير إلى نمط سلوكي يتسم بالاستبداد والاضطهاد للآخرين، حيث يسعى الشخص القهري للسيطرة والتسلط على الآخرين وإلحاق الأذى بهم بطرق مختلفة، فنجد الشخص القهري يتمتع برغبة قوية في التحكم ويستخدم سلطته أو قوته لإذلال الآخرين دون سبب مشروع.

 

أما الوسواس القهري، فهو اضطراب نفسي يتسم بوجود أفكار وأفعال متكررة ومتقلبة تسبب قلقًا وتعيق الحياة اليومية للفرد، حيث يعاني الشخص المصاب بالوسواس القهري من أفكار غير مرغوبة ومتكررة (الوسواس) ويرتبط بها شعور بالقلق والتوتر، مما يدفعه إلى القيام بأفعال مكررة (القهر) بهدف التخلص من القلق المرتبط بالأفكار، على سبيل المثال، الشخص المصاب بالوسواس القهري قد يغسل يديه بشكل متكرر بسبب خوفه من الجراثيم بالرغم من أنها نظيفة بالفعل.

 

يتضح أن، الشخصية القهرية تشير إلى نمط سلوكي استبدادي واضطهادي للآخرين، في حين أن الوسواس القهري هو اضطراب نفسي يتسم بالأفكار المتكررة والأعمال المكررة والقلق المرتبط بها.

 

كيفية التعامل مع الشخصية القهرية

التعامل مع الشخصيات القهرية يعتمد على فهم احتياجاتهم الخاصة، مع وضع حدود واضحة للحفاظ على صحتك النفسية، وهذه بعض النصائح التي تساعدك عند التعامل مع شخص قهري:

 

1- التفهم والصبر

  • تذكر أن الشخصية القهرية تعاني من اضطراب نفسي حقيقي يؤثر على سلوكها.
  • تحلى بالصبر والتفهم عند التعامل معهم، وامنحهم الوقت للتعبير عن أنفسهم.
  • تجنب الانتقاد أو اللوم، فذلك قد يزيد من حدة الأعراض.

 

2- التواصل الفعال

  • استخدم لغة واضحة ومباشرة عند التواصل معهم.
  • تجنب الغموض أو استخدام عبارات غير محددة.
  • تأكد من فهمك لاحتياجاتهم ومشاعرهم.

 

3- وضع حدود واضحة

  • حدد بوضوح ما هو مقبول وما هو غير مقبول في سلوكهم.
  • لا تتردد في قول “لا” عندما يكون ذلك ضروريًا.
  • اعتني بنفسك ولا تسمح لهم باستغلالك أو استنزاف طاقتك.

 

4- تشجيع العلاج

  • شجعهم على طلب المساعدة من معالج نفسي مختص.
  • يمكنك تقديم الدعم والمساندة خلال رحلة العلاج.

 

التعامل مع الشخصية القهرية

 

علاج الشخصية القهرية

قبل بدء علاج الشخصية القهرية، يتم أولاً تشخيص الوضع الصحي للفرد للتحقق من أن لديه بالفعل سلوك قهري، ويتم هذا التشخيص من خلال تقييم شامل من قبل أخصائي الصحة النفسية، ويشمل ذلك:

 

  1. مراجعة التاريخ الطبي: يسأل الأخصائي عن الأعراض الحالية والتاريخ الطبي الشخصي والعائلي.
  2. اختبارات نفسية: قد يُطلب من الشخص إجراء اختبارات نفسية لتقييم أعراض الشخصية القهرية والاضطرابات النفسية الأخرى.
  3. مقابلة سريرية: يجري الأخصائي مقابلة مع الشخص لمناقشة أعراضه ومشاعره وسلوكه.

 

معايير التشخيص

لتشخيص الشخصية القهرية، يجب أن يستوفي الشخص خمسة على الأقل من المعايير التالية:

 

  • الانشغال المفرط بالنظام والترتيب والكمال.
  • الاهتمام المبالغ فيه بالتفاصيل والقواعد.
  • الحاجة المُلحة إلى التحكم في كل شيء.
  • صعوبة في التعبير عن المشاعر.
  • التردد في اتخاذ القرارات.
  • صعوبة في الاسترخاء والاستمتاع بالحياة.
  • القسوة على النفس والآخرين.
  • الإصرار على الكمال في العمل والعلاقات.
  • الخوف من ارتكاب الأخطاء.

 

اعرف أكثر حول: أنواع الشخصيات

 

وبعد الانتهاء من التشخيص أو التأكد من أن الفرد يعاني بالفعل من الشخصية القهرية، يبدأ الطبيب باختيار العلاج اللازم وفقاً للتشخيص، ويتمثل العلاج في الآتي:

 

1- العلاج النفسي

  • العلاج المعرفي السلوكي: يُعد العلاج الأكثر فعالية للشخصية القهرية، حيث يركز على مساعدة الشخص على تغيير أفكاره وسلوكياته السلبية.
  • العلاج الديناميكي النفسي: يساعد الشخص على فهم جذور سلوكه القهري، وكيف تؤثر تجاربه السابقة على حياته الحالية.
  • العلاج النفسي الأسري: يساعد أفراد الأسرة على فهم الشخصية القهرية وكيفية التعامل مع الشخص المصاب.
  • العلاج السلوكي الجدلي: يُستخدم لعلاج الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في تنظيم مشاعرهم.

 

2- العلاج الدوائي

  • مضادات الاكتئاب: تُستخدم لعلاج أعراض القلق والاكتئاب التي قد تصاحب الشخصية القهرية.
  • مضادات الذهان: قد تُستخدم في بعض الحالات لعلاج الأعراض الوسواسية القهرية الشديدة.

 

3- العلاج البديل

  • اليوجا: تساعد على الاسترخاء وتقليل التوتر.
  • التأمل: يساعد على التركيز على الحاضر وتقليل القلق.
  • الوخز بالإبر: قد يساعد في تقليل أعراض القلق والاكتئاب.

 

في خضم التنوع الذي يحيط بنا، تظهر أهمية فهم الشخصية القهرية وكيفية التعامل معها، لذا كان الدعم العاطفي وتحفيز النمو الشخصي بمثابة الركيزة لمساعدة الأفراد الذين يواجهون هذه الصفات، وفي الختام،  يمكنكم اعتبار زيارة موقعنا، الموسوعة الشاملة التي تضم مقالات تغطي كافة المجالات الحياتية، فرصة لاكتساب المزيد من المعرفة وتعزيز الفهم حول الأمور التي تهمكم.

 

للمزيد من المعلومات والقراءة حول مواضيع مختلفة في حياتك، ندعوكم لـ زيارة موقعنا، حيث تجدون تحليلات مفصلة ومقالات ذات جودة عالية تغطي كل ما يهمكم.

 

المصادر والمراجع

msdmanualsclevelandclinic

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى