نمص الحواجب هو إزالة شعر الحاجبين أو ترقيقهما، ويُعد من المسائل الفقهية التي تناولها العلماء بالإجابة بناءً على النصوص الشرعية، ويرتبط حكم النمص بالنصوص الواردة في السنة النبوية، حيث وردت أحاديث تفيد بالنهي عن النمص، وهي مسألة تثير تساؤلات بين المسلمين حول مشروعية هذا الفعل، وتختلف فيها التفاصيل بناءً على المذاهب الفقهية الأربعة (الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي).
في هذا السياق، سنتناول حكم نمص الحواجب في المذاهب الأربعة، مع تسليط الضوء على العوامل المؤثرة في هذا الحكم.
حكم نمص الحواجب في المذهب الحنفي
في المذهب الحنفي، يُعتبر النمص، أي إزالة الشعر من الحواجب، من الأمور التي تُفضّل اجتنابها، ويُنظر إليه على أنه مكروه تحريمي إذا كان الهدف منه التجميل والتغيير في خلق الله.
يستند هذا الحكم إلى حديث النبي محمد ﷺ الذي قال فيه: “لعن الله النامصة والمتنمصة” (رواه البخاري ومسلم)، وهو تحذير من إزالة الشعر من الحاجب بهدف التجميل بطرق تتعارض مع الطبيعة التي خلقها الله.
لكن يُشير بعض فقهاء الحنفية إلى أن تهذيب الحواجب الطفيف للزوج، من غير تغيير جذري في شكل الحاجب، قد يكون جائزًا. وبناءً على ذلك، يُسمح بإزالة الشعر الزائد جدًا الذي يسبب تشويهًا أو عدم تناسق للوجه، ما دام ذلك لا يُعد تغييرًا لخلق الله.
إذن، في المذهب الحنفي، النمص محرم ويُفضل تجنبه، إلا في حالات الضرورة أو بهدف التزين المشروع، مثل تهذيب طفيف للزوج دون المبالغة أو التغيير الواضح.
اطلع أيضاً على: تعرف على نوايا قراءة سورة البقرة.
حكم نمص الحواجب في المذهب المالكي
في المذهب المالكي، يُعد نمص الحواجب غير جائز ويُعتبر من المحرمات، حيث يُنظر إليه على أنه تغيير لخلق الله، وهو ما ورد التحذير منه في الشريعة الإسلامية، ويستند المالكية في هذا الحكم إلى الحديث الشريف عن النبي محمد ﷺ: “لعن الله النامصة والمتنمصة” (رواه البخاري ومسلم)، حيث فُسّر النمص في هذا الحديث بأنه يشمل إزالة الشعر من الحواجب أو الوجه بنية التجميل.
ويعتبر المالكية أن هذا الفعل يدخل في باب التغيير المحظور للخلقة الطبيعية التي خلقها الله للإنسان، ويُعد هذا النهي شاملًا، سواء تم ذلك للنساء أو الرجال، بهدف التجميل أو طلب التحسين،
ومع ذلك، هناك استثناءات لبعض الحالات، مثل إزالة الشعر إذا تسبب في ضرر أو تشويه، بشرط ألا يكون القصد التجميل وحده.
اقرأ أيضاً عن: حكم الحلف بالطلاق ثلاثا.
حكم نمص الحواجب في المذهب الشافعي
في المذهب الشافعي، يُعتبر نمص الحواجب محرمًا، ويشمل هذا تحريف أو إزالة الشعر من الحواجب بهدف التجميل أو التحسين. وقد استند الشافعية في هذا الحكم إلى الحديث الشريف عن النبي ﷺ: “لعن الله النامصة والمتنمصة” (رواه البخاري ومسلم).
يُفسر هذا الحديث في المذهب الشافعي بأن إزالة الشعر من الحواجب، سواء كان عبر النمص أو غيره، يُعد من باب تغيير الخَلقة التي خلقها الله، وهذا يعتبر محرمًا في الشريعة الإسلامية. ومع ذلك، يشير بعض علماء الشافعية إلى أنه إذا كانت إزالة الشعر من الحواجب تُسبب تشويهاً أو ضررًا، فيمكن في هذه الحالة إزالته، بشرط أن يكون الهدف إزالة الضرر وليس التجميل.
إضافة إلى ذلك، يُستثنى من هذا الحكم النمص الطارئ في حالات معينة مثل إزالة الشعر في حالة وجود أمراض جلدية أو مشاكل صحية، ولكن يبقى الأصل هو تحريمه في المذهب الشافعي.
اطلع أيضا على: أحكام الطهارة للنساء.
حكم نمص الحواجب في المذهب الحنبلي
في المذهب الحنبلي، يُعتبر نمص الحواجب محرمًا بشكل عام، استنادًا إلى الحديث النبوي الذي ورد فيه: “لعن الله النامصة والمتنمصة” (رواه البخاري ومسلم). وفقًا للمذهب الحنبلي، فإن هذا الحديث يشير إلى تحريم إزالة الشعر من الحواجب بغرض التجميل أو التحسين، حيث يعتبر ذلك تغييرًا في خلق الله الذي ينبغي أن يُحفظ كما هو.
ومن جهة أخرى، يوضح علماء الحنابلة أن اللعن الذي ورد في الحديث ينطبق على كل من يُزيل الشعر من الحواجب أو يُزيله من أجل غير ضرورة شرعية، سواء كان ذلك بشكل كامل أو جزئي، ولا يُستثنى من هذا التحريم إلا في حالة وجود ضرر طبي أو مشكلة جلدية تستدعي إزالة الشعر، بشرط أن يكون الهدف هو العلاج وليس التجميل.
لذا، في المذهب الحنبلي، لا يُسمح بأداء النمص إلا في حالات استثنائية، ويجب على المسلم التزام الحذر من الوقوع في هذا المحرم إلا للضرورة.
يمكنك أيضاً الاطلاع على: كل ماتريد معرفته عن احكام الجماع بين الزوجين.
الاختلافات بين المذاهب الأربعة في حكم نمص الحواجب
رغم أن المذاهب الأربعة تتفق في الجملة على تحريم النمص استناداً إلى الحديث النبوي الشريف، إلا أن هناك بعض الاختلافات في التفاصيل:
الحنفية والمالكية
يتفقون على التحريم المطلق للنمص، مع وجود استثناءات في حالات الضرورة مثل التشوهات.
الشافعية والحنابلة: يميلون إلى التساهل قليلاً في بعض الحالات، مثل رضا الزوج أو الحاجة إلى التهذيب البسيط، لكنهم يبقون على موقف التحريم في الحالات العادية.
الاختلافات الرئيسية بين المذاهب
العموم في التحريم: جميع المذاهب الأربعة تتفق على أن النمص بشكل عام محرم.
الاستثناءات: لا توجد استثناءات واضحة من التحريم في بعض المذاهب مثل المالكية والشافعية، بينما يسمح الحنفية والحنابلة بإزالة الشعر في حالات الضرورة مثل العلاج الطبي.
الرأي في نية التجميل: في جميع المذاهب، إذا كان النمص بهدف التجميل فإنه يُعتبر محرمًا.
الأحكام المتعلقة بالضرورة: بينما تتفق المذاهب على التحريم في الحالات العادية، هناك بعض التسهيلات في حالات الضرورة الطبية في المذاهب المختلفة.
اقرأ أيضاً في: شروط قضاء الصيام.
العوامل المؤثرة في حكم نمص الحواجب في الإسلام
تتأثر الأحكام الشرعية المتعلقة بنمص الحواجب بعدة عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار، منها:
النية والقصد
النية تلعب دوراً أساسياً في تحديد الحكم الشرعي، وإذا كان التعديل بغرض التجميل فقط أو تقليد أهل الكفر أو الفسق، فإنه محرم، وأما إذا كان لدفع ضرر نفسي أو اجتماعي أو لإرضاء الزوج، فقد يخف الحكم أو يُباح.
الضرر أو التشوه
إذا كان الحاجب كثيفاً بشكل غير طبيعي أو يؤدي إلى تشويه ملامح الوجه، فقد يُباح التهذيب لإزالة هذا الضرر، بشرط ألا يكون فيه مبالغة.
طلب الزوج
في حال طلب الزوج من زوجته تهذيب حاجبيها لأجل التزين له، فإن ذلك يُعتبر من الحقوق الزوجية، وقد أجاز بعض العلماء ذلك بشرط ألا يتعارض مع النصوص الشرعية.
التشبه بالكافرين أو الفاسقين
إذا كان تعديل الحواجب يُقصد به التشبه بأهل الفسق أو الكفار، فإنه يُصبح محرماً بشكل قاطع، لأن الإسلام نهى عن التشبه بهم.
العرف والعادات
في بعض المجتمعات، قد يُعتبر شكل الحواجب الزائد أو المهمل أمراً غير مقبول اجتماعياً، مما يُسبب حرجاً كبيراً للمرأة. في هذه الحالة، قد يُخفف بعض الفقهاء الحكم، شرط أن يكون التعديل في حدود المعقول.
خاتمة حول حكم نمص الحواجب في المذاهب الأربعة: إن حكم تعديل الحواجب في الإسلام يُعتبر مسألة فقهية دقيقة تتطلب فهماً عميقاً للنصوص الشرعية وأقوال العلماء. النصوص الواردة في النمص، مثل حديث “لعن الله النامصة والمتنمصة”، تُظهر حرص الإسلام على صيانة الفطرة الطبيعية وعدم التلاعب بخلق الله، لكن الفقهاء تعاملوا مع هذا الموضوع بمرونة وفقاً للظروف والنيات.
المذاهب الأربعة تتفق على تحريم النمص إذا كان بغرض التجميل فقط أو تغيير الخلقة، لكنها تختلف في تفاصيل الحالات التي يُباح فيها التهذيب، مثل إزالة التشوه أو الضرر، أو بناءً على طلب الزوج.
لذلك، على المسلم أو المسلمة العودة إلى العلماء الثقات واستشارتهم في الحالات الخاصة التي قد تواجههم، مع الالتزام بالقواعد العامة للشريعة التي تدعو إلى الاعتدال وعدم المبالغة، وفي جميع الأحوال، يجب أن يكون الهدف من أي تعديل هو تحقيق رضا الله دون الوقوع في المحرمات أو تجاوز الحدود.
ندعوك لـ زيارة موقعنا الموسوعة حيث تجد مئات المقالات المفيدة في مختلف التخصصات ، وفي حال أردت قراءة المزيد من المقالات الدينية سوف تجد أيضا كل ما تريد معرفته.
المصادر
wikipedia