الشخصيات

الشخصية الهيستيرية – الأسباب والأعراض وطرق العلاج

الشخصية-الهيستيرية

تعتبر اضطرابات الشخصية من المواضيع النفسية المعقدة التي تشكل تحديًا للفهم والتعامل، واضطراب الشخصية الهيستيرية أحد هذه الاضطرابات الذي يتسم بنمط سلوكي معقد، مما يؤثر على حياة الأفراد الذين يعانون منه، وفي هذه المقالة سنلقي نظرة على العوامل التي قد تسهم في تطور اضطراب الشخصية التمثيلي أو الهستيري وكيف يمكن التعامل معه بفعالية.

 

ما هو اضطراب الشخصية الهستيرية؟

اضطراب الشخصية الهستيرية، المعروف أيضًا بالاضطراب الهستيري الشخصي، هو اضطراب في الشخصية يتسم بنمط ثابت من السلوك والانفعالات المتطرفة والتوازن الضعيف في الذات، ويعتبر هذا الاضطراب جزءًا من مجموعة اضطرابات الشخصية في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5).

 

ما هو السلوك الهستيري؟

يظهر السلوك الهستيري بشكل كبير لدى الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الهستيرية، حيث يتسمون بالحاجة الملحة للانتباه والتأكيد الشخصي، والميل إلى إظهار العواطف بشكل مفرط ومسرحي، والرغبة في أن يكونوا مركز الاهتمام في جميع الأوقات، ويبحثون عن المديح والثناء والاعتراف، وقد يكونون متعطشين للإثارة والتجارب الجديدة والمحادثات العميقة.

 

وقد يتظاهرون بالمشاعر بشكل مبالغ فيه، ويتصرفون بشكل مثير للانتباه ومتقلب، وقد يعبرون عن العواطف بشكل غير منطقي ومبالغ فيه، كما يميلون إلى التعبير عن العواطف بطرق جسدية مبالغ فيها، مثل البكاء العالي أو الصراخ أو الانفعالات العنيفة.

 

والأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الهستيرية يعانون من صعوبة في بناء علاقات مستقرة وعميقة، وقد يكون لديهم تأثر بشكل كبير بآراء الآخرين ويعتمدون على تقديرهم واعتمادهم الذاتي، مما يجعلهم عرضة للاكتئاب والقلق والتوتر العاطفي.

 

ويتطلب تشخيص اضطراب الشخصية الهستيرية وجود أنماط سلوكية مستمرة على مدار فترة طويلة وتأثير سلبي على الحياة الشخصية والاجتماعية والمهنية للفرد، حيث يُعالج عادة من خلال العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج الاستنشاقي.

 

من هو الشخص الهستيري؟

هو ذاك الشخص الذي تسيطر عليه مشاعره الجياشة، وتتسم تصرفاته بالدرامية، ويسعى جاهداً لجذب انتباه الآخرين، تاركاً نفسه عرضة للصراعات الداخلية وفقدان الهوية الحقيقية.

 

اضطراب الشخصية الهيستيرية

 

أسباب اضطراب الشخصية الهيستيرية

اضطراب الشخصية الهيستيرية، الذي يعرف أيضًا بالاضطراب الهيستيري الشخصي (Histrionic Personality Disorder – HPD)، هو حالة نفسية تتسم بسلوك درامي مبالغ فيه وحاجة ملحة للانتباه، حيث يعاني الأفراد في هذا الاضطراب من تقلبات في المزاج وتفاعلات عاطفية مبالغ فيها، مما يؤثر على العلاقات الشخصية والمهنية، وهذه أبرز أسباب اضطراب الشخصية الهيستيرية:

 

1- العوامل الوراثية والبيولوجية

تلعب العوامل الوراثية دورًا في تحديد أعراض اضطراب الشخصية الهيستيرية، إذ يظهر أن هناك ميلًا وراثيًا لبعض اضطرابات الشخصية، وقد يكون للعوامل البيولوجية أيضًا تأثير في تطوير هذا الاضطراب.

 

2- العوامل البيئية والتربوية

يمكن أن تلعب البيئة والتربية دورًا في تكوين الشخصية الهيستيرية، فتجارب الطفولة السلبية، مثل الإهمال أو الاعتداء الجسدي أو العاطفي، تسهم بشكل كبير في تطوير أنماط سلوكية غير صحية في المستقبل.

 

3- التجارب العاطفية في الطفولة والمراهقة

التجارب العاطفية السلبية أثناء فترة الطفولة والمراهقة تعتبر مصدرًا لتطور الشخصية الهيستيرية، فعلى سبيل المثال، الحصول على انتباه كبير أو ردود فعل عاطفية مبالغ فيها قد يؤدي إلى تطوير نمط سلوكي درامي للتعامل مع المشاعر.

 

4- تأثيرات الثقافة والبيئة الاجتماعية

القيم الثقافية والبيئة الاجتماعية تلعب دورًا أيضاً في تشكيل هذه الشخصية، حيث نجد في بعض الثقافات، تشجيع كبير على التعبير العاطفي القوي والتصرفات المبالغ فيها، وهذا الأمر له تأثير لا يمكن أن نغفله في تطور اضطراب الشخصية الهيستيرية.

 

5- المشكلات في العلاقات البينية

قد تنشأ الشخصية الهيستيرية نتيجة للصعوبات في بناء علاقات صحية وثابتة، فالحاجة الملحة للانتباه والموافقة قد تكون رد فعل على فشل العلاقات القريبة أو الاجتماعية.

 

6- التجارب الشخصية والتأثيرات النفسية

يمكن أن تلعب التجارب الشخصية الحادة أو الصعبة دورًا في تشكيل اضطراب الشخصية الهيستيرية، فالسلوك الدرامي الذي نلاحظه عند البعض ليس إلا رد فعل لمواجهة الصعاب الحياتية.

 

ما هي صفات الشخصية الهستيرية؟

الشخصية الهيستيرية تتسم بعدة صفات مميزة ومتقلبة، حيث يتم تشخيص اضطراب الشخصية الهيستيرية (Histrionic Personality Disorder – HPD) عندما تكون هذه الصفات مستمرة وتؤثر سلبًا على الحياة الشخصية والعلاقات الاجتماعية، وفي هذه النقاط، تفصيل لبعض صفات الشخصية الهيستيرية:

 

  • حاجة ملحة للانتباه: حيث يسعون باستمرار لكسب إعجاب الآخرين والحصول على تأكيد وإشادة.
  • تصرفات درامية: يتسمون بتصرفات مسرحية ومبالغ فيها، حيث يميلون إلى التعبير بشكل مبالغ فيه عن مشاعرهم وتفاعلاتهم العاطفية.
  • الانخراط الجنسي مبالغ فيه: لديهم اهتمام مبالغ فيه في المظهر الجنسي والجاذبية الجسدية. 
  • علاقات عاطفية سطحية: لديهم صعوبة في تكوين علاقات عاطفية عميقة وثابتة، وتكون علاقاتهم سطحية أو قصيرة الأمد.
  • التقلبات المزاجية: حيث يمكن أن يكونوا مبتهجين ومفعمين بالحيوية في لحظة ويصبحون حزينين أو غاضبين في لحظة أخرى.
  • التأثر السريع: يتأثرون بسرعة وبشدة بمشاعر الآخرين والظروف المحيطة.
  • انتقاد غير مقاوم: يكونون عرضة للانتقادات بشكل شديد ويعانون من قلق مفرط بشأن مظهرهم الشخصي وطريقة تفاعلهم مع الآخرين.
  • تقليد الآخرين: يقومون بتقليد سلوكيات الآخرين أو التأثير بشكل كبير بسبب رغبتهم في التأقلم مع البيئة الاجتماعية.
  • صعوبة في التركيز على التفاصيل: حيث يميلون إلى الانشغال بالتفاصيل السطحية واللحظية.

 

صفات الشخصية الهستيرية

 

ما هي أنواع الهستيريا؟

تاريخيًا، كان مصطلح “الهستيريا” يُستخدم لوصف مجموعة واسعة من الأعراض الجسدية والعاطفية غير المفسرة بشكل واضح من الناحية الطبية، ومع ذلك، في الوقت الحاضر، تم تقليل استخدام مصطلح “الهستيريا” وتبسيطه للإشارة إلى اضطراب الشخصية الهستيرية فقط.

 

وبالنسبة للاضطراب الهستيري الشخصي، لا يوجد تقسيم رسمي له إلى أنواع محددة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5)، ومع ذلك، هناك بعض الأنماط السلوكية التي قد تظهر في الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب، مثل:

 

  1. الاعتماد على الظهور الجسدي: وذلك من خلال التأكيد من خلال المظهر الخارجي والأناقة الشخصية.
  2. الانفعالات المتطرفة: يظهرون ردود فعل مفرطة وغير مناسبة على المواقف العاطفية.
  3. التعابير الجسدية المبالغ فيها: يتصرفون بشكل مبالغ فيه ومسرحي، مثل البكاء العالي أو الصراخ العنيف.
  4. الانتقالية في العلاقات: يتعاملون مع العلاقات بشكل سطحي وغير مستقر، مع صعوبة في بناء علاقات عميقة ومستدامة.
  5. الرغبة الملحة في الانتباه: يسعون جاهدين للانتباه من قبل الآخرين، وقد يتصرفون بشكل مثير للانتباه لتحقيق ذلك.

 

هل هناك فرق بين مرض الهستيريا والشخصية الهيستيرية؟

فيما يتعلق بالفرق بين “مرض الهستيريا” و”الشخصية الهستيرية”، فإن مصطلح “مرض الهستيريا” كان يستخدم في الماضي لوصف الأعراض الجسدية غير المفسرة بشكل واضح، بينما “الشخصية الهستيرية” يشير إلى نمط سلوكي ثابت ومستمر في السلوك والعواطف والعلاقات.

 

ومع ذلك، في التصنيفات الحديثة مثل DSM-5، تم إزالة مصطلح “مرض الهستيريا” واستخدامه للإشارة إلى الأعراض الجسدية غير المفسرة بشكل واضح، وتم الانتقال إلى استخدام مصطلح “اضطراب ضمور الجسم” لوصف هذه الحالة.

 

أنواع الهستيريا

 

ما هي اعراض الهستيريا؟

اضطراب الشخصية الهيستيرية (Histrionic Personality Disorder – HPD) هو نوع من اضطرابات الشخصية تتسم بنمط سلوكي مبالغ فيه وتحتاج إلى انتباه مفرط، ويُلاحظ أن هذا الاضطراب يمكن أن يؤثر على مختلف جوانب الحياة الشخصية والاجتماعية، ولذلك نجد له أعراض كثيرة، وهذه بعض الأعراض التي قد تكون مشتركة في حالة وجود اضطراب الشخصية الهيستيرية:

 

  • حاجة شديدة للانتباه والموافقة: مثل إحساس شديد بالحاجة إلى جذب الانتباه والتأكيد من الآخرين أو إظهار سلوكيات مبالغ فيها للفت الانتباه.
  • العلاقات السطحية: كوجود صعوبة في بناء علاقات عاطفية عميقة أو الانخراط في علاقات سطحية ومؤقتة.
  • التصرفات الجنسية مبالغ فيها: كإظهار اهتمام غير عادي بالمظهر الجنسي أو استخدام الجاذبية الجسدية بشكل مبالغ فيه لجذب الانتباه.
  • التفاعلات العاطفية المبالغ فيها: وتكون تفاعلات عاطفية غير مناسبة أو مبالغ فيها مع صعوبة في التحكم في التعبير عن المشاعر بشكل معقول.
  • التقلبات المزاجية: تقلبات مستمرة في المزاج والعواطف أو الاستجابة المفرطة للأحداث اليومية.
  • تأثير قوي للآخرين: سرعة التأثير بشدة بسبب ظروف محيطة أو الحساسية المفرطة للنقد والرغبة الشديدة في إرضاء الآخرين.
  • تحديق في الشكل الخارجي: اهتمام مفرط بالمظهر الخارجي والجاذبية الجسدية، والتفاخر بالمظهر الخاص أو الإطلالة.

 

علاج اضطراب الشخصية الهستيرية

علاج اضطراب الشخصية الهستيرية يشمل عادة العلاج النفسي أو العلاج النفساني، ويهدف هذا العلاج إلى مساعدة الفرد في التعامل مع الأعراض والسلوكيات التي تسبب له المشاكل وتؤثر على حياته الشخصية والعلاقات، وفي هذه النقاط، نستعرض معكم النهج العلاجي الذي يمكن استخدامه لعلاج اضطراب الشخصية الهستيرية:

 

أولاً: العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

يركز على تحدي وتغيير الأفكار والمعتقدات السلبية والتصورات المشوشة التي قد تؤدي إلى السلوك الهستيري، كما يساعد المريض في التعرف على الأنماط السلبية وتغييرها للتفكير بشكل أكثر صحة ومنطقية.

 

ثانياً: العلاج الاستنشاقي

هذا النوع من العلاج يركز على استكشاف الأحداث والتجارب السابقة التي قد تكون مؤثرة في تطور اضطراب الشخصية الهستيرية، لمساعدة المريض في التعرف على العوامل الدافعة والمستمرة والعمل على تغيير الاستجابات العاطفية والسلوكية.

 

ثالثاً: العلاج الذاتي وتعلم المهارات

في هذا النوع من العلاج، يتم التركيز على تعلم المهارات الاجتماعية والتفكير الإيجابي والاسترخاء وإدارة العواطف، ويهدف ذلك إلى تعزيز القدرة على التعامل مع المشاعر المكبوتة والتفكير بشكل أكثر توازنًا والتعامل مع العلاقات الشخصية بشكل صحي.

 

رابعاً: الأسرة أو العائلة

يمكن أن يكون العلاج العائلي مفيدًا أيضاً للمساعدة في تحسين الاتصال والتفاهم بين الأفراد في العائلة، فالأجواء والأنماط العائلية عندما يتم تحديها بشكل مناسب، يكون لذلك أثر كبير في الحد من الاضطرابات المصاحبة للشخصية الهستيرية.

 

في ختام هذه الرحلة المعرفية حول اضطراب الشخصية الهستيرية، يظهر بوضوح أن الفهم العميق لتلك الظاهرة يلعب دوراً حيوياً في تحسين جودة حياة الأفراد الذين يعانون منها، كما  إن التوعية والتعلم المستمر يمكناننا من التصدي لتحديات هذا الاضطراب وتوفير الدعم اللازم للأفراد المتأثرين.

 

وإذا كنت تبحث عن المزيد من المعلومات حول اضطرابات الشخصية والصحة النفسية بشكل عام، ندعوك لـ زيارة موقعنا الموسوعة المتخصص، والذي يوفر لك أحدث الأبحاث والمقالات في مجالات متعددة، انضم إلينا في رحلة استكشاف المعرفة وتعزيز الفهم حول العقل البشري.

 

المصادر والمراجع

ncbiclevelandclinic

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى