
الصلاة هي أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي العبادة التي يتقرب بها المسلم إلى الله سبحانه وتعالى، ومن بين أجزاء الصلاة المهمة التي يجب على كل مسلم تعلمها والالتزام بها هي التحيات الصحيحه، وهي جزء لا يتجزأ من التشهد الذي يُقال أثناء الجلوس في الصلاة.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل التحيات الصحيحه في الصلاة كما وردت في السنة النبوية، مع التركيز على صيغة التحيات الصحيحه، أهميتها، كيفية أدائها، والأخطاء التي يجب تجنبها، بالإضافة إلى توضيح بعض الفروقات بين المذاهب الفقهية.
جدول المحتويات
صيغة التحيات الصحيحه في الصلاة
لنبدأ بالحديث عن صيغة التحيات الصحيحه كما وردت في السنة النبوية، وفقًا للأحاديث الصحيحة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم علّم أصحابه صيغة التحيات أثناء الصلاة، وهي كالتالي:
“التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.”
هذه الصيغة هي تحية الصلاة الصحيحة التي يجب على كل مسلم أن يحفظها ويقولها أثناء الجلوس في الصلاة، وردت هذه الصيغة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، حيث قال: “علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد، وكفي بين كفيه كما يعلم الصبي الكتاب، فقال: التحيات لله…” (رواه البخاري ومسلم).
من المهم ملاحظة أن هذه الصيغة تُقال في كل من التشهد الأول (في الصلاة التي تتكون من أكثر من ركعتين) والتحيات في التشهد الأخير، مع إضافة الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير، وهو ما سنتناوله لاحقًا.
أهمية تعلم التحيات الصحيحه
لماذا يجب علينا أن نهتم بتعلم التحيات الصحيحه في الصلاة؟ الإجابة تكمن في أن الصلاة هي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما ورد في الحديث النبوي: “أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله” (رواه الطبراني)، ومن هنا، فإن الالتزام بأداء التحيات في الصلاة بالشكل الصحيح هو جزء لا يتجزأ من صحة الصلاة.
إن تعلم التحيات عند الجلوس في الصلاة ليس مجرد مسألة حفظ، بل هو تعبير عن الإيمان والالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن الخطأ في أداء التحيات قد يؤدي إلى نقص في أجر الصلاة، وربما إلى بطلانها في بعض الحالات إذا كان الخطأ متعمدًا أو ناتجًا عن إهمال شديد.
اقرأ المزيد حول: الوضوء والصلاة الصحيحة كما وردت في السنة النبوية بالتفصيل.
كيفية قول التحيات الصحيحه في الصلاة
لأداء التحيات الصحيحه في الصلاة بالشكل الصحيح، يجب على المسلم أن يتبع الخطوات التالية:
1- الجلوس الصحيح
عند الجلوس للتشهد، يجب أن يكون الجلوس على الرجل اليسرى مع نصب الرجل اليمنى، وهذا ما يُعرف بالجلوس “على الإفضاء” في التشهد الأول، و”على التورك” في التشهد الأخير (حسب المذاهب الفقهية).
2- وضع اليدين
توضع اليد اليمنى على الفخذ الأيمن، واليسرى على الفخذ الأيسر، مع رفع السبابة في اليد اليمنى عند قول “أشهد أن لا إله إلا الله”، وهي حركة تُعرف بـ”التشهد بالإشارة”.
3- نطق التحيات
يقول المصلي صيغة التحيات الصحيحه بصوت خافت (في الصلاة السرية) أو بصوت مسموع (في الصلاة الجهرية إذا كان إمامًا)، مع التركيز على النطق الصحيح للكلمات.
4- الخشوع والتدبر
من المهم أن يتدبر المصلي معاني التحيات في الصلاة، فهي ليست مجرد كلمات، بل تحمل معاني التوحيد والثناء على الله والسلام على النبي وعلى عباد الله الصالحين.
إن كيفية قول التحيات في الصلاة تتطلب الالتزام بالسنة النبوية، مع مراعاة الفروقات بين المذاهب الفقهية في بعض التفاصيل، مثل طريقة الجلوس أو حركة السبابة.
قد تكون مهتماً أيضاً بالقراءة عن: النوافل والسنن المؤكدة وغير المؤكدة وأفضل أوقات أدائها.
التحيات في التشهد الأخير
في التحيات في التشهد الأخير، يتم إضافة الصلاة الإبراهيمية بعد قول التحيات الصحيحه، وهي جزء أساسي يكمل التشهد الأخير في الصلاة، الصلاة الإبراهيمية هي دعاء يُقال للصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إبراهيم عليه السلام، وهي كالتالي:
“اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.”
هذه الصيغة وردت في أحاديث صحيحة، منها حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه، حيث قال: “قلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد…” (رواه البخاري ومسلم).
إن إضافة الصلاة الإبراهيمية إلى التحيات في التشهد الأخير تُعتبر واجبة عند بعض المذاهب الفقهية، مثل المذهب الشافعي، بينما تُعتبر سنة مؤكدة عند مذاهب أخرى، مثل المذهب الحنفي، ومع ذلك، فإن الالتزام بها هو الأفضل لاتباع السنة النبوية.
بعد قول الصلاة الإبراهيمية، يُستحب أن يدعو المصلي بما شاء من الأدعية المأثورة أو غيرها، مثل الدعاء بالمغفرة أو الجنة أو النجاة من النار، ثم يُسلم لإتمام الصلاة، وهنا تكمن أهمية التحيات والتشهد في الصلاة، حيث إنها تجمع بين الثناء على الله، الصلاة على النبي، والدعاء للمسلم نفسه وللمؤمنين.
اقرأ أيضاً فى: الصلاة في الإسلام.
الأخطاء الشائعة في التحيات الصحيحه
على الرغم من أن التحيات الصحيحه في الصلاة تبدو بسيطة وسهلة الحفظ، إلا أن هناك أخطاء شائعة يقع فيها بعض المصلين، سواء بسبب الجهل أو الإهمال، من هذه الأخطاء:
1- النطق الخاطئ للكلمات
قد يخطئ البعض في نطق كلمات صيغة التحيات الصحيحه، مثل قول “التحيات لله والصلوات والطيبة” بدلاً من “والطيبات”، أو تغيير بعض الحروف مما يؤدي إلى تغيير المعنى، لذا، يجب الحرص على تعلم النطق الصحيح من مصادر موثوقة.
2- عدم رفع السبابة أو تحريكها بشكل خاطئ
من الأخطاء الشائعة في كيفية قول التحيات في الصلاة هو إهمال رفع السبابة أو تحريكها بشكل مستمر، بينما السنة هي رفعها عند قول “أشهد أن لا إله إلا الله” وخفضها بعد ذلك.
3- السرعة في القول
يقع بعض المصلين في خطأ السرعة أثناء قول التحيات عند الجلوس في الصلاة، مما يؤدي إلى عدم الخشوع أو الخطأ في النطق، الصلاة تتطلب الطمأنينة والتدبر، لذا يجب أن يُقال التشهد ببطء وتركيز.
4- إهمال الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأخير
بعض المصلين قد ينسون أو يتجاهلون قول الصلاة الإبراهيمية بعد التحيات في التشهد الأخير، وهو أمر قد ينقص من كمال الصلاة، خاصة إذا كان الإهمال متعمدًا.
5- الخلط بين التشهد الأول والأخير
قد يقوم البعض بإضافة الصلاة الإبراهيمية في التشهد الأول، وهو أمر ليس من السنة، حيث إن التشهد الأول يقتصر على التحيات الصحيحه فقط.
لتجنب هذه الأخطاء، يُنصح بمراجعة التحيات الصحيحه في الصلاة عند المذاهب الفقهية المختلفة، والاستعانة بمعلم أو مصادر موثوقة لتصحيح الأداء.
أسئلة شائعة حول التحيات الصحيحه
هناك العديد من الأسئلة التي تدور في أذهان المسلمين حول التحيات في الصلاة، وفيما يلي إجابات لبعض الأسئلة الشائعة:
1- هل يجوز تغيير صيغة التحيات الصحيحه؟
لا يجوز تغيير صيغة التحيات الصحيحه التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها جزء من السنة النبوية الثابتة، أي تغيير متعمد قد يؤدي إلى بطلان الصلاة، خاصة إذا أدى إلى تغيير المعنى.
2- ماذا أفعل إذا نسيت التحيات أثناء الصلاة؟
إذا نسي المصلي قول التحيات عند الجلوس في الصلاة، فإنه يجب عليه أن يسجد للسهو بعد السلام، وذلك لتعويض النقص في الصلاة، ومع ذلك، إذا تذكر أثناء الصلاة، يمكنه العودة لقولها إذا لم ينتقل إلى ركن آخر.
3- هل هناك اختلاف بين المذاهب في التحيات الصحيحه؟
نعم، هناك بعض الفروقات البسيطة بين المذاهب الفقهية في التحيات الصحيحه في الصلاة عند المذاهب، مثل طريقة الجلوس أو حركة السبابة، على سبيل المثال، يرى المذهب الشافعي أن الصلاة الإبراهيمية واجبة في التشهد الأخير، بينما يراها المذهب الحنفي سنة مؤكدة، ومع ذلك، فإن صيغة التحيات الصحيحه نفسها متفق عليها بين جميع المذاهب.
4- هل يجوز قول التحيات بعد الركوع مباشرة؟
لا، التحيات بعد الركوع ليست من السنة، حيث إن التحيات تُقال فقط أثناء الجلوس في التشهد، سواء في التشهد الأول أو الأخير، أما بعد الركوع، فإن المصلي يقول أذكار الرفع من الركوع، مثل “ربنا ولك الحمد”.
5- كيف أعلم أبنائي التحيات الصحيحه؟
يمكن تعليم الأطفال كيفية قول التحيات في الصلاة من خلال الحفظ التدريجي، مع الشرح البسيط لمعاني الكلمات، كما يُنصح بجعل التعلم ممتعًا من خلال الأناشيد أو الألعاب التعليمية، مع مراعاة تكرار الصيغة أمامهم بشكل يومي حتى يتمكنوا من حفظها وفهمها، يمكن أيضًا استخدام مقاطع فيديو تعليمية موثوقة أو كتب مصورة مخصصة لتعليم الأطفال أركان الصلاة وأذكارها.
في الختام، يمكننا القول إن التحيات الصحيحه في الصلاة ليست مجرد جزء من أجزاء الصلاة، بل هي تعبير عن الإيمان والالتزام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، إن الصلاة هي صلة المسلم بربه، ومن الضروري أن تُؤدى بكل إتقان وخشوع، مع الالتزام بكل ما ورد في السنة النبوية، بما في ذلك التحيات في الصلاة وصيغة التحيات الصحيحه.
إن تعلم تحية الصلاة الصحيحة وتعليمها للأبناء والآخرين هو واجب ديني وأمانة يجب أن نحافظ عليها، كما أن تجنب الأخطاء الشائعة في التحيات عند الجلوس في الصلاة يساعد على تحقيق الكمال في العبادة وزيادة الأجر والثواب، ولا ننسى أن الاختلافات البسيطة بين التحيات الصحيحه في الصلاة عند المذاهب لا تُنقص من أهمية الالتزام بالصيغة الأساسية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
المصادر
Sahih al-Bukhari – The Book of Prayer
Sahih Muslim – The Book of Prayer
Fiqh of Worship – Islamic Online University
كما يمكنكم زيارة قسم الديني على موقعنا الموسوعة للاطلاع على المزيد من الإجابات حول التحيات في الصلاة وغيرها من الموضوعات الدينية.