ما عقوبة الزنا في الإسلام وحكمه الشرعي

هل تساءلت يوماً عن الحكمة من التشريعات الإسلامية التي تحمي المجتمع وتصون الأعراض؟ يعد موضوع ما عقوبة الزنا من أكثر المواضيع التي تثير فضول الكثيرين، لما يحمله من أبعاد دينية واجتماعية عميقة، فهم هذه الأحكام ليس مجرد معرفة قانونية، بل هو خطوة نحو إدراك سمو التشريع الإسلامي في حفظ النسل وصيانة الكرامة.

خلال هذا المقال، ستكتشف بالتفصيل حكم الزنا في الإسلام كما ورد في القرآن والسنة، والفرق بين عقوبة الزنا للمتزوجين والعازبين، ستتعرف أيضاً على شروط إقامة الحد وآثاره، وكيف فتح الإسلام باب التوبة الواسع لكل من أراد العودة إلى الله، مما يمنحك رؤية شاملة ومتوازنة لهذا الموضوع المهم.

ما هو تعريف الزنا في الإسلام؟

يُعرّف الزنا في الشريعة الإسلامية بأنه كل علاقة جنسية محرمة تقع بين رجل وامرأة من غير عقد زواج صحيح أو ملك يمين، وهو من كبائر الذنوب ومن أشد المحرمات التي تهدد كيان المجتمع وتقوض قيمه، مما يوضح خطورة الفعل والحكمة من تشريع ما عقوبة الزنا لتحقيق الحماية للأنساب والأعراض والأسر.

الحكمة من تحريم الزنا في الشريعة الإسلامية

1. حماية الأنساب والمحافظة على نقاء الأسر، حيث يضمن تحريم الزنا أن ينشأ كل طفل في كنف أسرة مستقرة يعرف فيها والديه.
2. صيانة المجتمع من الأمراض الجسدية والنفسية المنتشرة، والتي غالباً ما تكون عقوبة طبيعية للزنا في الدنيا قبل الآخرة.
3. تعزيز الفضائل الأخلاقية والحياء في المجتمع، مما يحد من التفكير في السؤال عن ما عقوبة الزنا لأن التحريم نفسه يكون رادعاً.
4. حفظ كرامة الإنسان وعفته، حيث أن الشريعة الإسلامية تهدف إلى بناء مجتمع قوي متماسك تحكمه العلاقات الشرعية الواضحة.

ما هي عقوبة الزنا في القرآن الكريم؟

يعد القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وقد جاء فيه بيان واضح وصريح لـ ما عقوبة الزنا، حيث حدد العقوبة الدنيوية لهذا الفعل المحرم تأكيداً على خطورته وجسامة آثاره على الفرد والمجتمع، جاء هذا البيان في سورة النور، والتي اهتمت ببناء المجتمع الفاضل وتطهيره من المنكرات.

لقد نزل القرآن بحكمة بالغة في تشريع العقوبات، مراعياً ظروف الإنسان ودرجة إثمه، فلم يترك الأمر غامضاً، بل فصل في حكم الزنا في القرآن تفصيلاً يزيل اللبس، ويضع الحدود التي تحمي كرامة الإنسان وتحفظ أنساق المجتمع القائمة على أساس الشرعية والطهارة.

بيان عقوبة الزنا في سورة النور

تتضمن الآية الكريمة من سورة النور الحكم الأساسي، حيث تأمر بجلد كل من الزانية والزاني مئة جلدة، هذه العقوبة مقررة للبكرين غير المتزوجين، وتنفذ علناً بحضور طائفة من المؤمنين، ليس اً للتشهير، بل للزجر والردع، حتى يكون عبرة للآخرين فيتجنبوا الوقوع في هذا الذنب العظيم.

الحكمة من تشريع العقوبة في القرآن

لم تشرع هذه العقوبة في القانون الإسلامي انتقاماً أو تعذيباً، بل هي دواء لمرض خطير يهدد كيان الأسر ويُضعف الروابط الاجتماعية، إنها جزء من نظام متكامل يحمي الأعراض، ويصون الأنساب، ويحفظ حقوق الأبناء في النسب الشرعي، مما ينعكس إيجاباً على استقرار المجتمع وأمنه.

دور العقوبة في التطهير والردع

يؤكد التشريع القرآني أن تنفيذ حد الزنا هو بمثابة تطهير للفاعل من ذنبه في الدنيا، بشرط أن يكون مقراً بالذنب تائباً أو ثابت الإدانة بالبينة الشرعية، كما أن هذه العقوبة تهدف إلى تحقيق الردع العام، فهي تخلق حاجزاً نفسياً واجتماعياً يمنع الكثيرين من التفكير في الاقتراب من هذا المحرم.

عقوبة الزنا في السنة النبوية

بينما حدد القرآن الكريم الإطار العام لعقوبة الزنا، جاءت السنة النبوية لتفصل في كيفية تطبيق هذه العقوبة وشروطها، مما يجعل السؤال عن “ما عقوبة الزنا” أكثر وضوحاً من الناحية العملية، فقد بينت السنة النبوية الشريفة تطبيق حد الزنا عملياً، مؤكدة على عدالته وضرورة توفر شروط صارمة لإثباته، مما يضمن تحقيق الردع مع الحفاظ على حقوق الأفراد وسترهم.

لقد طبقت السنة النبوية ما نزل في القرآن، فبينت الفرق الواضح في عقوبة الزنا بين المحصن وغير المحصن، كما أوضحت الأحاديث النبوية الإجراءات التفصيلية لتطبيق الحد، مع التركيز على جوانب الرحمة والعدالة التي تحيط بهذا العقاب الصارم، وتشجيع التوبة والاستغفار كسبيل للعودة إلى الله قبل الوصول إلى مرحلة إثبات الجريمة وتنفيذ العقوبة.

تفاصيل عقوبة الزنا في السنة النبوية

• التفريق في العقوبة: أكدت السنة على تطبيق الرجم على المحصن (المتزوج) والجلد مائة مرة لغير المحصن، تنفيذاً لما جاء في القرآن.
• شروط الإثبات الصارمة: بينت الأحاديث ضرورة الإقرار أربع مرات أو شهادة أربعة شهود عدول على الفعل نفسه، مما يجعل إثبات حد الزنا في غاية الصعوبة ويحمي المجتمع من التهم الباطلة.
• تشجيع التوبة والستر: حث النبي على الستر وعدم إشاعة الفاحشة، ودعا من أخطأ إلى التوبة سراً بينه وبين الله، مما يغلق باب الفضائح ويفتح باب المغفرة.
• العدالة في التنفيذ: بينت السنة أن تطبيق العقوبة يكون بعدالة وبدون تعصب أو تشفي، بهدف الزجر والردع وليس الانتقام.

الحكمة من تطبيق العقوبة في السنة

إن تطبيق عقوبة الزنا كما ورد في السنة النبوية لم يكن هدفه التشفي أو إيذاء الأشخاص، بل كان المقصد الأساسي هو حماية كيان المجتمع الإسلامي من التفكك، والحفاظ على أنساب الأفراد وأعراضهم، كما أن هذه العقوبة تهدف إلى تطهير المجتمع من المنكرات وتأكيد قدسية العلاقة الزوجية، مما ينعكس إيجاباً على استقرار الأسرة وصحة المجتمع ككل.

الفروق بين عقوبة الزنا للمحصن وغير المحصن

تختلف عقوبة الزنا في الشريعة الإسلامية بشكل جوهري بناءً على حالة الشخص من حيث كونه محصناً أو غير محصن، وهذا الاختلاف يوضح مدى خطورة هذا الفعل على نسيج المجتمع والأسرة، فالمحصَن هو الشخص الحر البالغ العاقل الذي قد أقام علاقة زوجية شرعية في وقت من الأوقات، سواء كان متزوجاً حالياً أو سبق له الزواج، أما غير المحصن فهو الشخص الحر البالغ العاقل الذي لم يسبق له الزواج، مما يعني أن الإثم والعقوبة تتفاوتان تبعاً لمدى المسؤولية والالتزام الذي نقضه الشخص.

تتمثل الإجابة عن سؤال ما عقوبة الزنا للمحصن في الرجم حتى الموت، وهي العقوبة المقررة في السنة النبوية والتي تهدف إلى صيانة حرمة العلاقة الزوجية وحماية الأنساب من الاختلاط، أما عقوبة الزنا لغير المحصن فهي الجلد مائة جلدة مع تغريب عام عن بلده، كما ورد النص عليها صراحة في القرآن الكريم، هذا التفاوت في العقوبة بين المحصن وغير المحصن يعكس حكمة التشريع في مراعاة ظروف كل حالة، حيث أن جريمة الشخص المتزوج أو الذي سبق له الزواج تعتبر أشد خطراً لأنها تقوض ركناً أساسياً من أركان المجتمع وهو الأسرة، وتنتهك عهداً وأمانةً زوجيةً عظيمة.

أثر عقوبة الزنا على المجتمع والأسرة

لا تقتصر فلسفة ما عقوبة الزنا على كونها مجرد ردع فردي، بل تمتد آثارها الإيجابية لتحمي كيان المجتمع بأكمله وتصون كرامة الأسرة التي هي لبنته الأساسية، فوجود هذه العقوبة في الشريعة الإسلامية يعمل كسياج واقٍ يحفظ الأنساب ويصون الأعراض، مما ينعكس إيجاباً على استقرار وتماسك المجتمعات.

كيف تحمي عقوبة الزنا كيان الأسرة من الانهيار؟

الأسرة هي البيئة الآمنة التي ينشأ فيها الأفراد، وأي اختراق لحدودها يهدد استقرارها، عندما تنتشر ظاهرة الزنا دون وجود رادع، يضعف رباط الثقة بين الزوجين، ويهتز الشعور بالأمان العاطفي، مما قد يؤدي إلى تفكك الأسر وانهيارها، كما أن اختلاط الأنساب هو من أخطر العواقب التي تهدد وحدة الأسرة وتورث مشاكل اجتماعية معقدة.

لذلك، فإن وجود عقوبة رادعة للزنا يحقق الوقاية من هذه المخاطر، فهو يحفظ حقوق الأبناء في معرفة نسبهم الحقيقي، ويحمي المرأة من أن تكون وسيلة لإشباع رغبات غير مشروعة، ويضمن للرجل أن يربي أبناءه في كنف أسرة مستقرة، هذا الحماية للنظام الأسري تعزز القيم الأسرية السليمة وتقلل من نسبة الطلاق والمشاكل العائلية.

ما دور عقوبة الزنا في بناء مجتمع سليم وأخلاقي؟

على مستوى المجتمع، يؤدي تطبيق حد الزنا إلى خلق بيئة اجتماعية تسودها الطمأنينة والأمان الأخلاقي، فهو يحد من انتشار الأمراض المنقولة جنسياً التي تفتك بصحة الأفراد وتثقل كاهل الأنظمة الصحية، كما أنه يحافظ على القيم الاجتماعية السامية مثل العفة والحياء، والتي تشكل درعاً واقياً للشباب والفتيات من الانجراف وراء الشهوات.

المجتمع الذي يلتزم بحدود الله ويحرم الزنا يكون مجتمعاً متماسكاً، تقل فيه الجرائم المرتبطة بالشرف، وتضعف فيه دوافع العدوان على أعراض الآخرين، هذا يؤدي إلى تعزيز روح المسؤولية الفردية والجماعية، حيث يشعر كل فرد بأنه حارس لأخلاق المجتمع، مما ينشئ جيلاً واعياً يقدر قيمة العرض والكرامة الإنسانية.

شروط إثبات الزنا في الشريعة الإسلامية

بعد أن تعرفنا على ما عقوبة الزنا، من المهم جداً فهم الشروط الدقيقة التي وضعها الإسلام لإثبات هذه الجريمة، فالشريعة الإسلامية لا تهدف إلى تعذيب الناس أو الإسراع في إقامة الحدود، بل تهدف إلى تحقيق العدالة والحفاظ على استقرار المجتمع، ولذلك، فقد جعلت إثبات جريمة الزنا من أصعب الأمور في القضاء، وذلك سداً لذرائع الفتنة وحماية للأعراض من الادعاءات الكاذبة.

أهم النصائح لفهم شروط إثبات الزنا

1. الاعتراف الصريح: يجب أن يصدر الاعتراف من الشخص البالغ العاقل مختاراً غير مكره، وأن يكرره أربع مرات أمام القاضي، وهذا يشير إلى مدى حرص الإسلام على ألا يُعاقب شخص بسبب ضغظ لحظي أو تهديد.
2. شهادة الشهود: وهي الطريقة الأساسية للإثبات، وتتطلب وجود أربعة شهود عدول يشهدون برؤية الفعل نفسه بشكل قاطع ومباشر، كإدخال الختان في الختان، وهذا الشرط يجعل الإثبات في غاية الصعوبة، مما يحمي الناس من التهم الباطلة.
3. العدالة في الشهود: يجب أن يكون جميع الشهود معروفين بالاستقامة والصدق والأمانة، فالشهادة لا تقبل من الفاسق أو من له مصلحة في القضية، مما يضمن نزاهة عملية الإثبات.
4. التفصيل في الشهادة: يجب على كل شاهد أن يشهد بشكل منفصل ويقدم نفس التفاصيل الدقيقة عن الواقعة، أي تعارض بسيط في رواياتهم يؤدي إلى رفض الشهادة ودرء الحد.
5. نية الإثبات: يجب أن يكون هدف الشهود هو الإصلاح وإقامة العدل، وليس التشهير أو الإضرار بالمتهم، فالنوايا لها دور كبير في قبول العمل في الشريعة.
6. الالتزام بالإجراءات القضائية: يجب أن تتم عملية الإثبات برمتها في محكمة شرعية أمام قاضي مسلم، لضمان تطبيق جميع الضمانات الإجرائية وحقوق المتهم.

هذه الشروط المتشددة توضح أن عقوبة الزنا في الشريعة ليست غاية في ذاتها، بل هي آخر حل بعد استيفاء جميع ضمانات العدالة، والغاية الحقيقية هي حماية المجتمع من انتشار الفاحشة، مع التأكيد على أن الأصل في الإنسان هو البراءة ودرء الحدود بالشبهات، لذلك، فإن التوبة والاستغفار هما الطريق الأمثل لتجنب هذه العقوبة والعودة إلى الله.

كيف يعالج الإسلام الوقوع في الزنا والتوبة منه؟

يقدم الإسلام منهجاً شاملاً لا يقتصر فقط على بيان ما عقوبة الزنا، بل يمتد ليشمل الوقاية من الوقوع في هذا الذنب أصلاً، ثم يفتح باب الرحمة الواسع للتوبة والرجوع إلى الله لمن وقع فيه، فالمنهج الإسلامي يجمع بين العلاج الوقائي والعلاج العلاجي، مما يجعله نظاماً متكاملاً للحفاظ على كرامة الفرد وصحة المجتمع.

العلاج الوقائي: سد الذرائع وبناء الوازع الداخلي

يركز الإسلام على منع الظروف التي قد تؤدي إلى الزنا قبل حدوثها، وهذا يشمل غض البصر، والحث على الزواج لتكريم الغريزة الطبيعية، وترسيخ مراقبة الله في قلب المؤمن، كما يحرص على بناء مجتمع فاضل تنتشر فيه القيم الأخلاقية، وتُغلق فيه أبواب الفتن، مما يخلق بيئة طاهرة تحمي الأفراد والأسر من العواقب الوخيمة للذنوب.

التوبة: باب الأمل والمغفرة

مهما عظم الذنب، فإن باب التوبة مفتوح ما لم تغرغر الروح، وتوبة الزاني صحيحة ومقبولة بشروط واضحة، أهمها: الإقلاع الفوري عن المعصية، والندم الصادق على ما فات، والعزم الأكيد على عدم العودة إليها في المستقبل، وتكتمل التوبة برد المظالم إلى أهلها إذا كانت مرتبطة بحقوق آدميين، إن رحمة الله واسعة، وقد وعد بقبول توبة التائبين مهما كثرت ذنوبهم، وهذا يغرس الأمل ويشجع على العودة إلى الطريق المستقيم.

العقوبات الدنيوية والآخرة للزنا

عند الحديث عن ما عقوبة الزنا، يجب أن ندرك أن الشريعة الإسلامية وضعت نظاماً متكاملاً للعقوبات يشمل الدنيا والآخرة، بهدف تحقيق العدالة وحماية المجتمع، فالعقوبة ليست مجرد ردع مادي فحسب، بل هي جزء من نظام تربوي متكامل يحفظ كرامة الإنسان ويصون الأنساب.

تتنوع عقوبة الزنا بين ما يقع في الدنيا من حدود شرعية، وما يعدّ في الآخرة من عذاب أليم، مع التأكيد على أن باب التوبة مفتوح دائماً لمن أراد الرجوع إلى الله، وهذا التوازن بين العقاب الدنيوي والتحذير من العذاب الأخروي يمثل رحمة بالخلق وعدالة إلهية.

العقوبات الدنيوية للزنا

تتمثل العقوبات الدنيوية في الحدود التي شرعها الله تعالى، وتختلف حسب حالة الفاعل:

• عقوبة الزنا للمحصن: وهي الرجم حتى الموت للرجل والمرأة المتزوجين
• عقوبة الزنا لغير المحصن: وهي الجلد مائة جلدة وتغريب عام

عواقب الزنا في الدنيا

إلى جانب العقوبات الشرعية، فإن للزنا عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع:

• تفكك الروابط الأسرية وضياع الأنساب
• انتشار الأمراض الجسدية والنفسية
• ضعف الوازع الديني والأخلاقي في المجتمع
• فقدان البركة في الرزق والعمر

عقوبة الزنا في الآخرة

أما في الآخرة، فقد توعد الله الزناة بعذاب شديد، ومن هذه العقوبات:

• العذاب الشديد في نار جهنم
• سوء الخاتمة وعدم قبول التوبة عند الموت
• الحساب العسير يوم القيامة
• حرمان من رحمة الله ورضوانه

خطوات للتخلص من آثار الزنا

لكن يجب أن نذكر أن الإسلام يفتح باب الأمل للتائبين، ويمكن اتباع هذه الخطوات:

• الندم الصادق على ما فات والإقلاع الفوري عن المعصية
• الإكثار من الاستغفار والعبادات
• الإحسان إلى الناس وكسب الحسنات
• تجنب كل ما يذكر بالمعصية وأسبابها

إن فهم هذه العقوبات الشاملة يوضح حكمة التشريع الإسلامي في تحريم الزنا، فهو ليس مجرد تحريم لفعله، بل هو نظام متكامل يحمي الإنسان من عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، مع إتاحة فرصة التوبة والرجوع إلى الله لمن أراد.

نصائح لتجنب الوقوع في الزنا

بعد أن تعرفنا على خطورة هذا الفعل وعواقبه الوخيمة، سواء كانت تتعلق بـ ما عقوبة الزنا في الدنيا أو الآخرة، فإن السؤال الطبيعي هو: كيف يمكن للفرد أن يحصن نفسه ويقيها من الوقوع في هذا المحظور؟ الإسلام دين لا يكتفي بوضع الحدود والعقوبات، بل يقدم منهجاً وقائياً شاملاً يحمي الفرد والمجتمع من الداخل قبل أن تصل الأمور إلى تطبيق العقوبة.

الوقاية من الزنا تبدأ من بناء دروع داخلية تحمي القلب والعقل والجوارح، هذه النصائح العملية هي بمثابة خطوات عملية لتعميق مراقبة الله في النفس وتقوية الوازع الإيماني، مما يجنب المسلم التفكير حتى في الاقتراب من هذا الذنب العظيم.

وسائل عملية للوقاية من الزنا

• غض البصر: الأمر الإلهي بغض البصر هو أول خطوة في سلسلة الوقاية، فهو يحجب الصور التي قد تثير الفتنة وتؤجج الشهوات في النفس.
• صيام النوافل: يعد الصوم من أقوى الوسائل لكسر حدة الشهوة، حيث يعوّد الجسم على الصبر والتحكم في الرغبات.
• الزواج المعجل: يشجع الإسلام على تسهيل أمور الزواج للمقبلين عليه، فهو الحل الأمثل لإشباع الغريزة بطريقة حلال تحفظ كرامة الإنسان.
• ملء وقت الفراغ: الفراغ روضة للشيطان، لذا فإن الانشغال بالعمل النافع، وطلب العلم، وممارسة الهوايات، ومجالسة الصالحين يبعد الخواطر السيئة.
• الابتعاد عن مواطن الشبهات: هذا يشمل تجنب الأماكن والمواقف التي قد تضعف فيها الضوابط، والابتعاد عن الخلوة المحرمة، والحرص على الالتزام بالآداب العامة في التعامل.
• الدعاء والمناجاة: اللجوء إلى الله بالدعاء هو سلاح المؤمن، فمن خلاله يطلب العون والثبات على طاعة الله والنجاة من الفتن.
• تذكر العقوبة والجزاء: استحضار عواقب الزنا في الدنيا والآخرة، وما يجلبه من ذل ودمار للأسر وانتشار للأمراض، يعمل كرادع قوي للنفس.

من المهم أن ندرك أن هذه النصائح ليست مجرد قواعد، بل هي جزء من منظومة متكاملة لتربية النفس وإصلاح القلب، فالتقوى هي التي تحول بين المرء وبين المعصية، وعندما يمتلئ القلب بحب الله وخشيته، فإنه يبتعد تلقائياً عن كل ما يغضب ربه، بما في ذلك التفكير في اقتراف هذا الذنب، تذكر دائماً أن باب التوبة مفتوح، وأن الوقاية خيرٌ بكثير من البحث عن علاج.

أسئله شائعه

نتناول في هذا الجزء من المقال بعض الأسئلة المتكررة حول موضوع ما عقوبة الزنا في الإسلام، والتي تهم الكثير من الأشخاص الراغبين في فهم الأحكام الشرعية بشكل واضح ومبسط، هذه الإجابات تستند إلى ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، وتساعد في توضيح الصورة الكاملة لحكم الزنا في الإسلام وتبعاته.

ما الفرق بين عقوبة الزنا للمحصن وغير المحصن؟

الفرق الجوهري يكمن في شدة العقوبة، فالعقوبة على الشخص المحصن (المتزوج) هي الرجم حتى الموت، بينما عقوبة غير المحصن (العازب أو العزباء) هي الجلد مئة جلدة وتغريب عام، هذا التفريق جاء لحماية كيان الأسرة وضبط المجتمع، حيث يعتبر الجرم أشق عندما يصدر ممن التزم بعقد زواج.

هل توبة الزاني مقبولة؟

نعم، توبة الزاني مقبولة عند الله تعالى شريطة أن تكون توبة نصوحاً صادقة، وهي التي يعزم فيها الشخص على عدم العودة إلى هذا الذنب أبداً، ويندم على ما فات، ويقوم بإصلاح ما أمكنه من حقوق العباد، المغفرة ممكنة بفضل رحمة الله الواسعة، لكن هذا لا يلغي العقوبة الدنيوية إذا ثبت الجرم بإجراءاتها الشرعية.

ما هي شروط إثبات الزنا؟

شروط إثبات حد الزنا صارمة جداً لحماية الأبرياء، وأهمها إما اعتراف المتهم أربع مرات، أو شهادة أربعة رجال عدول يشهدون بأنهم رأوا الفعل نفسه رؤية واضحة ومباشرة، صعوبة الإثبات هذه تجعل تطبيق عقوبة الزنا نادراً جداً، وتؤكد أن المقصد الأساسي هو الردع والحفاظ على قيم المجتمع.

ما حكم الزنا إذا كان برضا الطرفين؟

حكم الزنا محرم بكل حالاته، سواء كان بالرضا أو بالإكراه، رضا الطرفين لا يحلل الحرام ولا يغير من طبيعة الفعل كجريمة أخلاقية واجتماعية، الجرم يبقى قائماً والعقوبة الشرعية ثابتة، لأن الضرر لا يقتصر على الشخصين بل يمتد إلى الأسرة والمجتمع ككل.

كيف يمكن الوقاية من الوقوع في الزنا؟

شرع الإسلام عدة وسائل للوقاية، أهمها: غض البصر، والاستعفاف بالزواج لمن يستطيع، والصوم لمن لا يقدر عليه، وملء الوقت بما ينفع، والبعد عن كل ما يثير الغرائز ويوصل إلى مواطن الشبهات، كما أن تقوى الله ومراقبته في السر والعلن هي أعظم حصانة للفرد.

في النهاية، فإن الإجابة على سؤال ما عقوبة الزنا في الإسلام تؤكد أن الشريعة جاءت لتحمي الأفراد والمجتمع من الآثار المدمرة لهذا الفعل، سواء كنت تبحث عن حكم الزنا في الإسلام أو سبل الوقاية منه، تذكر أن باب التوبة مفتوح دائماً لمن أراد العودة إلى الله، لا تيأس من رحمة الله، وابحث عن الطرق المشروعة لبناء حياة كريمة تحفظ فيها نفسك وعائلتك.

المصادر

1. قاعدة الفتاوى – دائرة الإفتاء العام الأردنية
2. المكتبة الشاملة – الموقع الرسمي لابن باز