طريقة كتابة الدراسات السابقة – دليل شامل

طريقة كتابة الدراسات السابقة هي العمود الفقري لأي بحث علمي، حيث تسهم في توضيح الإطار العام للموضوع، وتسليط الضوء على الجوانب التي تحتاج إلى دراسة إضافية، وكتابة هذا الجزء ليست مجرد سرد للأبحاث السابقة، بل هي عرض شامل ومعمق يبرز فهم الباحث للموضوع وقدرته على استيعاب ما تم إنجازه وتحليله ونقده.
في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل كيفية وطريقة كتابة الدراسات السابقة بصورة أكاديمية، بدايةً من جمع المصادر وتنظيمها، وصولًا إلى تحليلها وتوثيقها بأسلوب علمي ومنهجي.
جدول المحتويات
ما هي الدراسات السابقة ولماذا نكتبها؟
ما هي الدراسات السابقة؟
الدراسات السابقة هي جهد علمي توثيقي وتحليلي يقدمه الباحث في بداية عمله البحثي، يخصص لعرض أبرز الأبحاث والمراجع التي تناولت موضوع الدراسة أو مواضيع ذات صلة بها، فهي بمثابة خارطة معرفية تتبع مسار العمل البحثي في مجال معين، حيث تلقي الضوء على الإنجازات العلمية السابقة، وتوضح الخلفية النظرية التي يعتمد عليها الباحث في صياغة فرضياته وأهدافه.
ويمكن النظر إلى الدراسات السابقة على أنها اللبنة الأولى في بناء أي بحث علمي، فمن خلالها يظهر الباحث اطلاعه العميق على المجال العلمي، ومدى تأثره وتفاعله مع ما سبق إنجازه، وهذا ما يجعلها جزءًا أساسيًا من منهجية البحث.
لماذا نكتب الدراسات السابقة؟
1- توضيح الإطار العام للبحث
تعد الدراسات السابقة بوابة الباحث لفهم الأبعاد المختلفة لموضوع بحثه، فهي تساعده على التعرف على القضايا المركزية المرتبطة بالموضوع، والتحديات التي واجهها الباحثون السابقون، والأسئلة البحثية التي تستحق المزيد من الدراسة.
2- تسليط الضوء على الفجوات البحثية
من أهم أهداف طريقة كتابة الدراسات السابقة هو استعراض ما تم إنجازه وتحديد ما لم يتم تناوله بعد، فالبحث العلمي يهدف دائمًا إلى سد الفجوات المعرفية، وتقديم إجابات لأسئلة لم تُطرح أو لم يتم الإجابة عنها بوضوح.
3- الاستفادة من خبرات الباحثين السابقين
من خلال الاطلاع على الدراسات السابقة، يمكن للباحث التعرف على الأساليب المنهجية التي استخدمها الآخرون، واختيار المنهجية الأكثر ملاءمة لدراسته، كما يستفيد من الأدوات والتقنيات التي أثبتت نجاحها في الدراسات السابقة، مع تجنب الأخطاء التي قد تكون وقعت فيها.
4- دعم البحث بالإطار النظري
تسهم الدراسات السابقة في بناء الإطار النظري للبحث، الذي يعد أساسًا لفهم العلاقة بين المفاهيم المختلفة التي يتناولها الباحث.، فهي توفر أساسًا علميًا ومنهجيًا يُبنى عليه البحث.
5- إثبات جدوى البحث الجديد
في طريقة كتابة الدراسات السابقة، يُظهر الباحث أن موضوعه لم يتم تناوله بشكل كامل أو أن هناك حاجة لدراسة الجوانب التي لم تُغط بعد، وهذا يبرز أهمية بحثه ويُضفي عليه قيمة علمية مضافة.
6- توفير مرجعية علمية موثوقة
تساعد الدراسات السابقة على إغناء البحث العلمي بمصادر موثوقة تعزز من قوته ومصداقيته، فهي تقدم للباحث والمشرفين والقُراء فكرة واضحة عن مدى اعتماده على مصادر ذات جودة علمية.
7- تنظيم الأفكار والتمهيد للبحث
طريقة كتابة الدراسات السابقة لا تقتصر على عرض الأبحاث السابقة فقط، بل تعد تمرينًا للباحث لتنظيم أفكاره، وفهم علاقات المفاهيم ببعضها البعض، وربط الدراسة الحالية بالسياق العلمي العام.
تعرف على: نقد الدراسات السابقة في البحث العلمي
أهمية كتابة الدراسات السابقة في البحث العلمي
تعتبر طريقة كتابة الدراسات السابقة جزءًا أساسيًا من أي بحث علمي، فهي ليست مجرد استعراض لما كُتب من قبل، بل هي عملية تحليلية ومنهجية تسهم بشكل كبير في نجاح البحث وتقديمه بصورة مهنية وعلمية، وفيما يلي أهم النقاط التي تبرز أهمية كتابة الدراسات السابقة:
1- فهم الخلفية النظرية للبحث
طريقة كتابة الدراسات السابقة تساعد الباحث على الإلمام بالسياق العام لموضوع البحث، فمن خلالها، يمكن للباحث فهم المفاهيم الأساسية والنظريات المرتبطة بالموضوع، مما يمنحه قاعدة معرفية صلبة يبني عليها دراسته.
2- تحديد الفجوات البحثية
استعراض الدراسات السابقة يمكن الباحث من تحديد النقاط التي لم تُبحث بعد أو الجوانب التي تحتاج إلى مزيد من التعمق والدراسة، وهذا يبرز أهمية البحث الجديد ويوضح الإضافة التي سيقدمها في المجال العلمي.
3- اختيار المنهجية المناسبة
من خلال تحليل الدراسات السابقة، يمكن للباحث التعرف على المنهجيات المختلفة التي استُخدمت لدراسة الموضوع، فهذا يساعده في اختيار المنهجية الأكثر ملاءمة لبحثه، أو حتى تطوير منهجية جديدة تتناسب مع أهدافه.
4- تعزيز مصداقية البحث
عندما يستعرض الباحث الدراسات السابقة، فإنه يثبت للمشرفين والقراء أنه مُطلع على الجهود العلمية السابقة، وأن بحثه يعتمد على قاعدة علمية متينة، فهذا يعزز من مصداقية البحث وأهميته في الوسط الأكاديمي.
5- تجنب التكرار غير الضروري
الاطلاع على الأبحاث السابقة يجنب الباحث الوقوع في فخ التكرار غير المفيد، فهو يساعده على تقديم إضافة جديدة للمعرفة بدلاً من إعادة إنتاج ما تم دراسته بالفعل.
6- بناء الإطار النظري
الدراسات السابقة تعد العمود الفقري للإطار النظري للبحث، فمن خلالها، ينظم الباحث الأفكار والمفاهيم وربطها بطريقة تخدم أهداف بحثه وتوضح العلاقة بين متغيراته.
اقرأ أيضاً عن: معايير الإطار النظري
7- تقديم مرجعية علمية موثوقة
تعتبر الدراسات السابقة مصدرًا مهمًا للمراجع العلمية التي يستند إليها الباحث في دعم آرائه وفرضياته، فوجود مراجع قوية وموثوقة يثري البحث ويزيد من قيمته العلمية.
8- تسهيل صياغة الفرضيات والأهداف
من خلال تحليل النتائج والاستنتاجات الواردة في الدراسات السابقة، يمكن للباحث صياغة فرضيات وأهداف دقيقة ومنطقية لدراسته، معتمدة على بيانات وأدلة موثوقة.
9- توفير صورة شاملة عن المجال العلمي
طريقة كتابة الدراسات السابقة تمنح الباحث رؤية شاملة حول تطور الأبحاث في المجال العلمي، وكيفية تفاعل الأفكار والنتائج عبر الزمن، وهذه الرؤية تسهم في توجيه البحث الحالي نحو تقديم حلول عملية ومبتكرة.
10- مساعدة القارئ في فهم البحث
عرض الدراسات السابقة بطريقة منهجية ومنظمة يساعد القارئ على فهم السياق الذي ينطلق منه البحث الجديد، وبدوره يسهل عليه متابعة البحث وتقدير أهميته.
11- توجيه الباحث نحو تساؤلات جديدة
الدراسات السابقة ليست فقط مصدرًا للمعلومات، لكنها أيضًا مصدر للإلهام، فعند الاطلاع عليها، قد يكتشف الباحث تساؤلات جديدة لم تُطرح من قبل، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث.
اعرف أكثر حول: تصميم دليل المقابلة
خطوات كتابة الدراسات السابقة: دليل مفصل
طريقة كتابة الدراسات السابقة تعد جزءًا أساسيًا في أي بحث علمي، حيث تُسهم في بناء الإطار النظري وتوجيه البحث نحو مسار علمي دقيق. لتحقق هذا الهدف، يجب على الباحث اتباع خطوات منهجية ومنظمة. فيما يلي نستعرض الخطوات الأساسية لكتابة الدراسات السابقة، مع شرح تفصيلي لكل خطوة:
1- تحديد مصادر الدراسات السابقة
تعتبر الخطوة الأولى في طريقة كتابة الدراسات السابقة هي تحديد المصادر التي سيتم الرجوع إليها.
في هذه المرحلة، يجب على الباحث اختيار قواعد البيانات والمكتبات العلمية التي تحتوي على الأبحاث والمقالات التي تتعلق بموضوع بحثه، ويمكن استخدام قواعد بيانات مثل Google Scholar، JSTOR، PubMed، وScienceDirect التي تضم الأبحاث العلمية المحكمة في مختلف المجالات.
ومن المهم في طريقة كتابة الدراسات السابقة أن يكون المصدر ذا مصداقية، مثل الأبحاث المنشورة في المجلات العلمية المعترف بها، الكتب الأكاديمية الموثوقة، أو الأطروحات الجامعية، ويفضل اختيار المصادر الحديثة (خلال العشر سنوات الأخيرة) للتأكد من أن الدراسات تتوافق مع أحدث التوجهات العلمية، كما يجب مراعاة التنوع في المصادر لتشمل مقالات بحثية، كتب، تقارير، وأطروحات دكتوراه.
2- قراءة وتحليل الدراسات
بمجرد جمع المصادر، يجب على الباحث قراءة الدراسات بعناية وتحليل المحتوى بعمق.
القراءة الفعالة للدراسات السابقة هي عملية أساسية لفهم الطريقة التي تناول بها الباحثون الآخرون الموضوع، وخلال القراءة، يجب أن يركز الباحث على نقاط رئيسية مثل الأهداف البحثية، المنهجيات المستخدمة، النتائج المستخلصة، والاستنتاجات التي تم التوصل إليها.
ويفضل تدوين الملاحظات أثناء القراءة لتحديد المعلومات المهمة التي يمكن تضمينها في البحث، كما يجب على الباحث الانتباه إلى كيفية تصنيف الدراسات السابقة من حيث الموضوع، المنهجية، وتوقيت النشر، ومن الضروري أن يتأكد الباحث من التفاعل بين الدراسات وما إذا كانت تدعم أو تتناقض مع بعضها البعض، مما يساعده على تطوير رؤية شاملة عن موضوع البحث.
تعرف على: الفرق بين المقدمة والتمهيد
3- تصنيف الدراسات حسب الموضوع أو المنهجية
بعد تحليل الدراسات، يجب على الباحث تصنيف هذه الدراسات بطريقة منظمة.
الهدف من تصنيف الدراسات السابقة هو تسهيل عرضها وتوضيح العلاقات بينها، ويمكن تصنيف الدراسات إما حسب الموضوعات المختلفة، مثل “دراسات تناولت تأثير التعليم الإلكتروني” أو “دراسات تناولت أساليب التدريس الحديثة”، أو حسب المنهجيات مثل “دراسات كمية” أو “دراسات كيفية”.
ومن الممكن أيضًا تصنيف الدراسات حسب الزمن، أي تنظيمها من الأقدم إلى الأحدث، فهذا يساعد في توضيح تطور المجال البحثي ورؤية كيف تغيرت الفرضيات والنتائج عبر السنوات، كما يمكن أن يتم التصنيف حسب الجغرافيا أو السياق الثقافي إذا كان ذلك ذا علاقة بموضوع البحث.
4- كتابة ملخصات للدراسات السابقة
بعد تصنيف الدراسات، يقوم الباحث بكتابة ملخصات لكل دراسة بناءً على التحليل الذي أجراه.
يجب أن تكون الملخصات قصيرة وواضحة، مع التركيز على النقاط الأساسية لكل دراسة، ويشمل الملخص:
- أهداف الدراسة: ما الذي سعت الدراسة لتحقيقه؟
- المنهجية: كيف تم إجراء البحث؟ هل كانت دراسة ميدانية؟ هل تم استخدام استبيانات أو مقابلات؟
- النتائج: ما الذي توصلت إليه الدراسة؟
- الاستنتاجات والتوصيات: ما هي الاستنتاجات التي خرجت بها الدراسة؟
من المهم أن يتم عرض هذه الملخصات بشكل موضوعي، مع الابتعاد عن الانحياز أو التفسير الشخصي.
5- تحليل الدراسات وربطها ببعضها البعض
في هذه المرحلة من طريقة كتابة الدراسات السابقة، يقوم الباحث بمقارنة الدراسات السابقة وتحليلها بطريقة نقدية.
الهدف من هذه الخطوة هو فهم العلاقة بين الدراسات المختلفة، لذا يجب أن يقارن الباحث بين الأهداف والنتائج، ويبرز أوجه التشابه والاختلاف بين الدراسات، وقد يجد الباحث أن بعض الدراسات تتناقض مع بعضها البعض في بعض النقاط، وهذا يوفر فرصة لتحليل الفجوات أو التحديات التي تواجه هذا المجال.
ويستطيع أيضًا تحديد الثغرات التي تركها الباحثون السابقون، وهو ما يعتبر نقطة انطلاق مهمة للبحث الجديد، كما يفضل أن يقوم الباحث بترتيب الدراسات بطريقة منطقية، لكي يسهل على القارئ متابعة الأفكار والتوجهات.
6- كتابة عرض الدراسات السابقة بشكل منطقي ومرتب
بعد الانتهاء من التحليل، يجب على الباحث كتابة عرض منظم وواضح للدراسات السابقة.
يجب أن يبدأ الباحث بمقدمة قصيرة تشرح فيها أهمية الدراسات السابقة بالنسبة للبحث الجاري، ثم يجب ترتيب الدراسات بطريقة منظمة، سواء حسب الموضوع، المنهجية، أو الزمن، ويجب أن يتجنب الباحث الأسلوب السردي البسيط وأن يركز على الربط بين الدراسات وتوضيح كيفية توافقها أو اختلافها مع بعضها البعض.
ومن المفيد استخدام الجمل الانتقالية بين الدراسات لتوضيح العلاقة بينها، كما ينبغي على الباحث ذكر كيفية استفادته من كل دراسة وكيفية تأثيرها على فكرته البحثية أو فرضياته، وينبغي أن يكون العرض تحليليًا، حيث يعرض الباحث دراسات سابقة ثم يعلق عليها بشكل نقدي، مما يضيف قيمة علمية للبحث.
7- كتابة خاتمة للدراسات السابقة
خلال هذه المرحلة، يقوم الباحث بكتابة خاتمة تلخص أبرز النقاط التي تم مناقشتها.
خاتمة الدراسات السابقة تعتبر خطوة مهمة لأنها تقدم تلخيصًا عامًا لأهم النتائج التي توصل إليها الباحث من خلال استعراض الأدبيات السابقة، ويجب أن تحتوي الخاتمة على:
- تلخيص للمفاهيم الرئيسية التي تم تناولها.
- الإشارة إلى الفجوات البحثية التي يمكن أن يسدها البحث الجديد.
- ذكر كيف ستُسهم هذه الدراسات في تحديد الإطار النظري للبحث الحالي.
من خلال هذه الخاتمة، يظهر الباحث كيف أن الدراسات السابقة قد أثرت على تطوير فكرته البحثية وأهدافه.
تعرف على: حدود البحث العلمي
أنماط تنظيم الدراسات السابقة
1- التنظيم الموضوعي
في هذا الأسلوب، يتم تصنيف الدراسات حسب المواضيع الفرعية، فمثلًا:
- دراسات تناولت تأثير التعليم الإلكتروني.
- دراسات تناولت أدوات التقييم.
2- التنظيم الزمني
يعتمد هذا الأسلوب في طريقة كتابة الدراسات السابقة على ترتيب الدراسات بناءً على تاريخ نشرها، وقد يكون مفيدًا لإظهار تطور البحث في موضوع معين.
3- التنظيم المنهجي
يركز هذا الأسلوب على تصنيف الدراسات بناءً على المنهجيات المستخدمة، مثل:
- دراسات كمية.
- دراسات كيفية.
أخطاء شائعة في كتابة الدراسات السابقة
- عرض الدراسات دون تنظيم: يجعل النص صعب الفهم ويفقد القارئ التركيز.
- التلخيص المفرط دون تحليل: الاكتفاء بنقل المعلومات دون مناقشتها يضعف جودة البحث.
- الإفراط في ذكر التفاصيل: يجب التركيز على النقاط الجوهرية فقط.
- إهمال الفجوات البحثية: يجب أن يظهر الباحث كيف ستسهم دراسته في سد الثغرات البحثية.
اعرف أكثر حول: أسئلة البحث العلمي
وبعد توضيح طريقة كتابة الدراسات السابقة، هذه بعض النصائح الهامة لكتابة دراسات سابقة فعالة:
- لا تسرد فقط، بل حلل: الهدف ليس مجرد عرض المعلومات، بل تقديم تحليل نقدي.
- استخدم لغة واضحة وأكاديمية: تجنب التكرار أو الغموض، وركز على تقديم المعلومات بشكل مباشر.
- وثق المصادر بشكل صحيح: استخدم أسلوب توثيق معتمد مثل APA أو MLA لتجنب الأخطاء والانتحال.
- لا تعتمد على مصدر واحد فقط: اجمع دراسات متنوعة لتقديم صورة شاملة.