في عالمنا المعقد، يتنوع الناس بشكل كبير في طرق تفكيرهم وسلوكهم، حيث تعكس الشخصية البشرية مزيجًا فريدًا من العوامل الوراثية والبيئية التي تشكل مسار الحياة لكل فرد، ومن بين هذه التنوعات الشخصية، نجد الشخصية السيكوباتية التي تثير فضول العديد من الناس، وفي هذه المقالة، سنكتشف أسباب ظهور السيكوباتية وأبرز أعراضها وطرق علاجها.
جدول المحتويات
ما هو تعريف الشخصية السيكوباتية؟
الشخصية السيكوباتية مصطلح يستخدم في علم النفس لوصف نوع من الشخصيات التي تتميز بسلوك غير اعتيادي ومشاعر وتفكير يفتقران إلى الشعور بالتعاطف والضمير، حيث يطلق على الأشخاص الذين يعانون من هذه الشخصية اسم “السيكوباث” أو “الشخصية السيكوباتية”، ويشار إليهم أيضًا بأنهم يعانون من اضطراب الشخصية السيكوباتية.
يتميز اضطراب الشخصية السيكوباتية بالعديد من الصفات، بما في ذلك عدم القدرة على الشعور بالندم أو الشعور بالذنب، والثقة الزائدة بالنفس والغرور، والقدرة على التلاعب بالآخرين واستغلالهم لصالحهم الشخصي، والعجز عن تكوين علاقات عاطفية طويلة الأمد وصعوبة التعاطف مع مشاعر الآخرين.
أسباب ظهور اضطراب الشخصية السيكوباتية
يظهر اضطراب الشخصية السيكوباتية نتيجة لتأثير عدة عوامل وتجارب في حياة الفرد، حيث تتداخل العوامل البيولوجية مع المواقف والأحداث التي مر بها الفرد في تجاربه الخاصة ليتشكل هذا النمط من الشخصية، وفي هذه النقاط نوضح بعض الأسباب التي قد تسهم في ظهور السيكوباتية:
1- العوامل الوراثية
لا شك أن العوامل الوراثية تلعب دورًا في تشكيل كافة أنماط الشخصيات، فهي الركيزة الأساسية التي من خلالها تتضح معالم الشخص على المدى البعيد، وقد يكون للوراثة تأثير على الطبائع النفسية للفرد، ومن ثم يتوارث لديه هذا النمط السيكوباتي.
2- التجارب الطفولية
تأثير البيئة والتجارب في مرحلة الطفولة يمكن أن يكون له تأثير كبير على تكوين الشخصية، فعندما يتعرض الأطفال لتجارب سلبية أو تحديات نفسية في الصغر، فذلك يؤدي إلى ظهور سمات سيكوباتية في شخصيتهم.
3- التأثيرات الاجتماعية
الضغوط الاجتماعية وتأثيرات المجتمع يمكن أن تلعب دورًا أيضاً في تكوين شخصية الفرد، فقد أظهرت بعض الدراسات أن التجارب السلبية مع المجتمع أو التحديات الاجتماعية التي يواجهها الفرد تؤدي إلى ظهور سمات سيكوباتية.
4- الاضطرابات النفسية والعقلية
بعض الاضطرابات النفسية مثل اضطرابات الشخصية الحدية (Borderline Personality Disorder) أو اضطرابات الهوية الانفصامية (Dissociative Identity Disorder) تسهم كذلك في ظهور سمات سيكوباتية لدى الفرد.
5- التعرض للعنف أو الإساءة
من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى ظهور السيكوباث ما يتعرض له الطفل في صغره، فالتعرض للعنف الجسدي أو العاطفي أو التحقير يمكن أن يؤدي إلى تشكيل سلوكيات سيكوباتية للتكيف مع البيئة الضارة.
6- التجارب الحياتية الصعبة
التجارب الحياتية الصعبة مثل فقدان أحد الأحباء أو تجارب مؤلمة قد تسهم في ظهور سمات سيكوباتية كآلية للتعامل مع الأحداث الصعبة.
اقرأ أيضاً عن: اضطراب الشخصية القهرية
ما هي أعراض الشخصية السيكوباتية؟
هل للشخصية السيكوباتية أعراض معينة يمكننا من خلالها التعرف عليها؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الكثيرون منا، ومع ذلك لهذا النمط أعراض قد حددها علماء النفس، وتنقسم إلى نوعين، وهذا توضيح لهما:
أولاً: الأعراض النفسية
- الافتقار إلى التعاطف: صعوبة في فهم مشاعر الآخرين أو الشعور بالتعاطف معهم.
- الغضب: سرعة الغضب وضعف التحكم في الانفعالات.
- الاندفاع: الميل إلى التصرف دون تفكير أو تخطيط.
- السلوك الاستغلالي: استغلال الآخرين لتحقيق أهدافهم الشخصية.
- الكذب والخداع: الميل إلى الكذب والخداع للوصول إلى ما يريدون.
- السلوك التلاعب: التلاعب بالآخرين للتحكم بهم.
- الشعور بالملل: شعورهم بالملل بسرعة، مما يدفعهم إلى البحث عن الإثارة المستمرة.
- الشعور بالفراغ: شعورهم الدائم بالفراغ وعدم الرضا.
- الثقة بالنفس المبالغ فيها: شعورهم بأنهم أفضل من الآخرين.
- الشعور بالاستحقاق: شعورهم بأنهم يستحقون أكثر من غيرهم.
- الغرور: شعورهم بأهمية أنفسهم بشكل مبالغ فيه.
ثانياً: الأعراض الجسدية
- التعرق الزائد: شعورهم بالتعرق الزائد، خاصة في المواقف العصيبة.
- تسارع ضربات القلب: شعورهم بتسارع ضربات القلب في المواقف العصيبة.
- ارتفاع ضغط الدم: شعورهم بارتفاع ضغط الدم في المواقف العصيبة.
- الأرق: صعوبة في النوم أو البقاء نائمين.
- الصداع: شعورهم بالصداع بشكل متكرر.
- التعب والإرهاق: شعورهم بالتعب والإرهاق بشكل دائم.
- الألم الجسدي: شعورهم بألم جسدي بدون سبب واضح.
كيف يتم تشخيص الشخصية السيكوباتية؟
لا يتم تشخيص الشخصية السيكوباتية بشكلٍ سهلٍ أو سريع، بل يجب أن يتم تقييم الشخص من قبل مختص في الصحة النفسية، مثل طبيب نفسي أو أخصائي نفسي، ويتضمن التشخيص الخطوات التالية:
- مقابلة الشخص: يقوم المختص بإجراء مقابلة مع الشخص للتعرف على تاريخه الشخصي وسلوكه الحالي.
- تقييم الأعراض: يقوم المختص بتقييم الأعراض التي يعاني منها الشخص للتأكد من توافقها مع معايير اضطراب الشخصية السيكوباتية.
- اختبارات الشخصية: قد يستخدم المختص بعض اختبارات الشخصية لتقييم سمات الشخصية السيكوباتية لدى الشخص.
- التحدث مع أشخاص آخرين: قد يتحدث المختص مع أشخاص آخرين يعرفون الشخص، مثل أفراد العائلة أو الأصدقاء أو زملاء العمل.
اعرف أكثر حول: طرق علاج الشخصية الإنطوائية
معايير تشخيص اضطراب الشخصية السيكوباتية
- عمر 18 سنة على الأقل.
- وجود تاريخ من السلوك المعادي للمجتمع.
- وجود ثلاثة على الأقل من الأعراض التالية:
- الافتقار إلى التعاطف.
- السلوك الاستغلالي.
- الخداع والكذب.
- الاندفاع.
- السلوك العدواني.
- عدم الشعور بالندم.
- اللامبالاة بالسلامة.
- عدم القدرة على التخطيط للمستقبل.
طرق علاج الشخصية السيكوباتية
علاج اضطراب الشخصية السيكوباتية أمر صعب ومعقد نسبياً، فقد ذهب المجتمع الطبي إلى القول بأنه لا يوجد علاج شاف من هذا الاضطراب، ولكن يمكن تحسين الأعراض والحد من سلوك الشخص العدواني، ومن ثم بدأوا بوضع طرق محددة للعلاج، بعضها يعود إلى الطب النفسي، والبعض الآخر إلى الأدوية العضوية.
1- العلاج النفسي
- العلاج السلوكي المعرفي: يساعد هذا النوع من العلاج الشخص على تغيير أنماط تفكيره وسلوكه.
- العلاج الديناميكي النفسي: يساعد هذا العلاج الشخص على فهم جذور سلوكه وكيفية تأثيرها على علاقاته مع الآخرين.
- العلاج الجماعي: من شأن هذا العلاج مساعدة الفرد على تعلم مهارات التواصل والتفاعل مع الآخرين.
2- العلاج الدوائي
- يمكن استخدام بعض الأدوية لعلاج بعض الأعراض، مثل القلق أو الاكتئاب أو العدوانية.
- ومن المهم أن نذكر أن الأدوية لا تُعالج اضطراب الشخصية السيكوباتية، ولكنها تساعد في التحكم في بعض الأعراض.
3- العلاج بالصدمات الكهربائية
- في بعض الحالات شديدة الخطورة، قد يتم استخدام العلاج بالصدمات الكهربائية لعلاج الأعراض.
- وهذا النوع من العلاج يطبقه الأطباء في حالات محددة وليس في بدء العلاج.
الأسئلة الشائعة عن الشخصية السيكوباتية
ما هي نقاط ضعف الشخصية السيكوباتية؟
- التهور.
- الملل.
- الغضب.
- الافتقار إلى التعاطف.
- الشعور بالفراغ.
- الشعور بالملل.
- عدم القدرة على تكوين علاقات عميق.
- عدم الشعور بالندم أو المسؤولية.
هل الشخصية السيكوباتية نرجسية؟
لا يعد كل شخص سيكوباتي نرجسيًا، ولكن هناك بعض أوجه تشابه بين الشخصيتين، حيث يشترك كل من السيكوباتيين والنرجسيين في سمات مثل:
- الثقة بالنفس المبالغ فيها.
- الحاجة إلى الإعجاب والتقدير.
- الشعور بالاستحقاق.
- الاستغلالية.
- الافتقار إلى التعاطف.
ويختلف السيكوباتيون عن النرجسيين في بعض النقاط مثل:
- السيكوباتيون أكثر قدرة على التخطيط والخداع.
- السيكوباتيون أكثر عدوانية وسلوكهم أكثر عنفًا.
- النرجسيون أكثر اهتمامًا بمظهرهم وصورتهم العامة.
اطلع كذلك على: أهم أنواع الشخصيات في علم النفس
ما هو اختبار الشخصية السيكوباتية؟
اختبار الشخصية السيكوباتية هو اختبار يُستخدم لتقييم وجود سمات الشخصية السيكوباتية لدى الشخص، وهناك العديد من اختبارات الشخصية السيكوباتية، أشهرها:
- قائمة المراجعة السيكوباتية (PCL-R): أداة تشخيصية شائعة تُستخدم لتقييم سمات الشخصية السيكوباتية لدى المجرمين.
- مقياس الشخصية السيكوباتية (IPI): اختبار يُستخدم لتقييم سمات الشخصية السيكوباتية لدى الأشخاص غير المجرمين.
ما هي نسبة نجاح الشخصية السيكوباتية في الحب؟
من الصعب تحديد نسبة نجاح الشخصية السيكوباتية في الحب، وذلك لأن الشخص السيكوباتي يواجه صعوبة في تكوين علاقات عميقة ودائمة بسبب:
- الافتقار إلى التعاطف.
- عدم القدرة على الشعور بالمشاعر.
- الحاجة إلى السيطرة.
- السلوك الاستغلالي.
ومع ذلكن قد ينجح بعض السيكوباتيين في تكوين علاقات عاطفية، ولكن هذه العلاقات غالباً ما تكون غير صحية.
في ختام هذه الرحلة إلى عقول الشخصيات السيكوباتية، ندرك أهمية فهم تلك الطبائع والعوامل التي تسهم في تشكيلها، فالشمولية في التفكير والتفهم العميق للتحديات التي قد يواجهها الأفراد السيكوباتيون تلعب دورًا حاسمًا في بناء مجتمع يفهم ويحترم تنوع الطبائع البشرية.
وإذا كنتم تبحثون عن المزيد من المعرفة حول مواضيع متنوعة، يدعوكم موقعنا إلى استكشاف آفاق جديدة من المعرفة، زوروا موسوعتنا الشاملة التي تحتوي على آلاف المقالات في مختلف المجالات، حيث يمكنكم استكشاف عوالم جديدة وتوسيع آفاق المعرفة.