يعتبر اضطراب الشخصية الحدية من الظواهر النفسية التي تثير الكثير من الاهتمام والبحث في عالم النفس والطب النفسي، إذ يعد هذا الاضطراب تحديًا كبيرًا للأفراد الذين يعانون منه وللمجتمعات التي ينتمون إليها، ويتميز هذا الاضطراب بنمط سلوكي متطرف وثابت يتسم بالعديد من السمات الخطيرة مثل عدم الاستقرار العاطفي وعدم القدرة على بناء علاقات صحية وثابتة مع الآخرين.
جدول المحتويات
ما هو اضطراب الشخصية الحدية؟
اضطراب الشخصية الحدية (Borderline Personality Disorder) هو اضطراب نفسي يتسم بنمط مستقر من التفكير والعواطف والسلوك يتسم بعدم الاستقرار والتقلبات الشديدة، ويعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من صعوبة في تنظيم مشاعرهم وتفكيرهم وسلوكهم، مما يؤثر على حياتهم الشخصية والاجتماعية.
أسباب إصابة الأفراد باضطراب الشخصية الحدية
هناك عدة عوامل تسهم في إصابة الأفراد بهذا الاضطراب، وتشمل:
1- العوامل الوراثية
هناك بعض الدلائل على وجود عامل وراثي يلعب دورًا في تطور اضطراب الحدية، ويعني ذلك أن الأشخاص الذين لديهم أقارب مصابون بالاضطراب قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به.
2- العوامل البيولوجية
تشير الأبحاث إلى أن هناك تغيرات في هيكل ووظيفة الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالاضطراب الحدي، وهذه التغيرات قد تؤثر على التحكم في المشاعر والتفكير والسلوك.
3- العوامل البيئية والنمط الشخصي
تلعب العوامل البيئية دورًا في تطور اضطراب الشخصية الحدية، مثل التعرض للإهمال أو الإساءة في الطفولة، أو الصراعات العائلية، أو الخبرات العاطفية السلبية، كما يمكن أن يكون للنمط الشخصي الذي يميل إلى عدم التحمل والانفعالات القوية دور في زيادة الاحتمالية للإصابة بالاضطراب.
4- العوامل العصبية والكيميائية
هناك بعض الدراسات التي تشير إلى وجود توازن غير صحي للمواد الكيميائية في الدماغ، مثل السيروتونين والنورأدرينالين، والتي قد تؤثر على العواطف والاستجابة العصبية للأشخاص المصابين بالاضطراب الحدي.
أنواع الشخصية الحدية
الشخصية الحدية، أو اضطراب الحدية، هو اضطراب نفسي يتميز بنمط مستمر وثابت من السلوك والتفكير والعواطف يتسم بالصعوبة في التكيف مع مختلف المواقف الاجتماعية، ويعتبر الاضطراب الحدي أحد أنواع اضطرابات الشخصية المعترف بها في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من هذه الشخصية وفقًا للتصنيف الشائع:
1- الشخصية الحدية النرجسية (Narcissistic Borderline Personality): يتميز أشخاص هذا النوع بالشعور بالعظمة والأهمية الفائقة لأنفسهم، وتعتبر الانتقادات الموجهة إليهم جريمة شخصية، ويعانون من علاقات غير مستقرة وعاطفية، ويميلون إلى التلاعب بالآخرين.
2- الشخصية الحدية الانفصامية (Schizoid Borderline Personality): يعاني الأشخاص المصابون بالحدية الانفصامية من عزلة اجتماعية وانخفاض في القدرة على التعبير عن العواطف والتواصل الاجتماعي، وقد يظهرون انفصامًا بين الواقع والخيال ويفضلون الاهتمام بأنشطة فردية.
3- الشخصية الحدية العاطفية (Emotionally Unstable Borderline Personality): يتميز الأشخاص المصابون بالحدية العاطفية بتقلبات شديدة في المزاج والعواطف، ومشاعر قوية من الغضب والانتقام، ويعانون من علاقات متقلبة ومشاعر قوية للهجر والرفض.
أعراض اضطراب الشخصية الحدية
1- مشاعر قوية
تتمثل في:
- تقلبات مزاجية حادة وسريعة.
- شعور بالفراغ أو الملل.
- غضب شديد وصعوبة في التحكم به.
- شعور بالقلق والاكتئاب.
- مشاعر قوية بالحب والكراهية.
2- علاقات غير مستقرة
تشمل:
- صعوبة في الحفاظ على علاقات صحية.
- علاقات تتسم بالتطرف بين المثالية والتخفيض من قيمة الشخص الآخر.
- خوف شديد من الهجر.
- سلوكيات تهدف إلى تجنب الهجر، مثل التشبث الشديد أو التهديد بالانتحار.
3- صورة ذات مضطربة
نلاحظها في:
- الشعور بعدم الارتياح تجاه هوية الفرد.
- تغيير القيم والأهداف بشكل متكرر.
- شعور بالخجل والندم.
- شعور بعدم الكفاءة.
4- سلوكيات اندفاعية
تظهر في:
- سلوكيات خطيرة، مثل القيادة المتهورة أو تعاطي المخدرات أو الإفراط في الإنفاق.
- سلوكيات إيذاء النفس، مثل الجرح أو حرق الذات.
- سلوكيات جنسية غير آمنة.
- نوبات من الأكل بنهم أو التقيؤ.
كيف يتم تشخيص اضطراب الشخصية الحدية؟
يعتمد تشخيص اضطراب الشخصية الحدية على تقييم شامل من قبل أخصائي الصحة النفسية، مثل طبيب نفسي أو أخصائي اجتماعي أو معالج نفسي.
أدوات التشخيص
- مقابلة سريرية: تجري مقابلة شاملة مع المريض لفهم أعراضه وتاريخه الطبي والصحي.
- استبيانات: تستخدم استبيانات محددة لتقييم أعراض اضطراب الشخصية الحدية.
- مراجعة التاريخ الطبي: يبحث الطبيب في التاريخ الطبي للمريض بحثًا عن أي حالات أخرى قد تسبب أعراضًا مشابهة.
معايير التشخيص
يعتمد تشخيص اضطراب الشخصية الحدية على المعايير المذكورة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5).
عوامل الخطر
- العوامل الوراثية: قد يكون هناك استعداد وراثي للإصابة باضطراب الشخصية الحدية.
- التجارب السلبية في مرحلة الطفولة: تزيد التجارب السلبية في مرحلة الطفولة، مثل التعرض للإيذاء أو الإهمال، من خطر الإصابة باضطراب الشخصية الحدية.
- العوامل البيئية: مثل التعرض للضغوطات أو الصدمات، تلعب دورًا في الإصابة باضطراب الشخصية الحدية.
طرق علاج اضطراب الشخصية الحدية
علاج اضطراب الشخصية الحدية يتطلب نهجًا متعدد الأوجه وشاملًا يشمل العلاج النفسي والدوائي إن لزم الأمر، وهذه بعض الطرق المشتركة التي يمكن استخدامها في علاج اضطراب الشخصية الحدية:
أولاً: العلاج النفسي
- العلاج الاتجاهي العقلاني (Cognitive Behavioral Therapy – CBT): يساعد المريض على التعرف على أنماط التفكير السلبية وتحديها وتغييرها، ويهدف إلى تحسين المهارات العاطفية والتفاعل الاجتماعي والتكيف مع الضغوط الحياتية.
- العلاج الواقعي المعرفي (Dialectical Behavioral Therapy – DBT): يركز على تحسين قدرة المريض على التحكم في التفاعلات العاطفية الشديدة وتنظيم المزاج، ويهدف أيضًا إلى تعزيز مهارات التواصل الاجتماعي والتعامل مع الصعوبات الحياتية.
- العلاج النفسي الديناميكي: يركز على استكشاف العواطف والأفكار اللا واعية وتطبيق التغييرات العميقة في النمط المرتبط بالشخصية الحدية.
- العلاج العائلي: يستهدف تحسين التواصل والعلاقات العائلية، ويمكن أن يساعد في تقديم الدعم وفهم المرضى المصابين بالشخصية الحدية.
ثانياً: الدواء
- العقاقير المضادة للاكتئاب: يتم وصف مضادات الاكتئاب في بعض الحالات إذا كان هناك أعراض اكتئاب مرافقة.
- العقاقير المضادة للاضطرابات العاطفية والقلق: يمكن استخدام الأدوية المهدئة ومثبطات القلق للتحكم في التوتر العاطفي والقلق المرتبط بالاضطراب.
ثالثاً: الدعم الاجتماعي
- الدعم الاجتماعي من الأصدقاء والعائلة يمكن أن يكون مفيدًا في تقديم الدعم العاطفي والمساعدة في التكيف مع تحديات الحياة اليومية.
- الانضمام إلى مجموعات دعم الشخصية الحدية: حيث توفر هذه المجموعات بيئة آمنة للتعبير عن المشاعر والتواصل مع الآخرين الذين يعانون من نفس الاضطراب.
نصائح للتعايش مع اضطراب الشخصية الحدية
لا شك أن أي مرض نفسي يُصاب به الفرد في حياته، لا يعني أن لا يتعايش صاحبه معه، بل على العكس، من الضروري في رحلة العلاج، أن يتقبل المُصاب مرضه، وأن يسعى لتغيير سلوكه أو الحد منه قدر المستطاع، ولذلك جمعنا بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك في التعايش مع اضطراب الشخصية الحدية:
1- التعلم والتوعية: وذلك أن تفهم الاضطراب وكيف يؤثر على حياتك، وأن تقرأ المزيد عن الشخصية الحدية والبحث عن مصادر موثوقة ستمكنك من فهم تحدياتك الشخصية والعمل على التعامل معها.
2- البحث عن الدعم الاجتماعي: تحدث مع أفراد العائلة والأصدقاء المقربين وشاركهم مشاعرك وتحدياتك، فقد يكون لديك دعم عاطفي وفهم من قبل الأشخاص المقربين وهذا يمكن أن يكون مفيدًا في مواجهة التحديات اليومية.
3- تطوير مهارات التحكم في العواطف: حاول تعلم استراتيجيات للتحكم في العواطف المتقلبة ومعالجة الغضب والقلق، فمثل هذه التقنيات مثل التنفس العميق والتأمل والتمارين الرياضية تساعد في تهدئة العواطف وتحقيق التوازن.
4- تنظيم الحياة اليومية: حاول إنشاء جدول زمني منتظم وهيكل لحياتك اليومية، فهذا الأمر يساعد في تقليل التوتر والاضطراب وتعزيز الشعور بالاستقرار والسيطرة.
5- تعلم مهارات التواصل الفعال: قد يكون من الصعب التفاعل الاجتماعي لأشخاص يعانون من اضطراب الشخصية الحدية، لذا حاول تعلم مهارات التواصل الفعال مثل الاستماع الجيد والتعبير عن الاحتياجات والمشاعر بشكل صحيح.
6- الاعتناء بالنفس: حافظ على الرعاية الذاتية الجيدة واهتم بصحتك العامة، ومارس النشاطات التي تساعدك على الاسترخاء والتمتع بوقتك، مثل ممارسة التمارين الرياضية، والقراءة، والكتابة، والاستماع للموسيقى.
7- الالتزام بالعلاج: استمر في الالتزام بالعلاج النفسي واتباع النصائح والتوجيهات التي يقدمها الخبراء الصحيين، فقد يستغرق العلاج وقتًا طويلاً، ولكن الالتزام سيساعدك في تحقيق تحسن تدريجي.
في ختام هذه المقالة، يظهر اضطراب الشخصية الحدية كتحدي جسيم يواجه العديد من الأفراد، ومع ذلك، فإن التوعية والتفهم يساعد في تخفيف الآثار السلبية لهذا الاضطراب وتقديم الدعم اللازم للأشخاص المتأثرين به، ولمزيد من المعلومات والموارد حول اضطراب الشخصية الحدية ومواضيع ذات صلة، ندعوكم لزيارة موقعنا الإلكتروني (الموسوعة) حيث تجدون مئات المقالات في مجالات متعددة تهم العقل والجسد والروح.